اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 16
و الحمد للّه على ما أرشد
و هدى، و أظهر من أسمائه الحسنى، و صفاته العليا، و الصلاة و السلام على محمد
المصطفى، خاتم الأنبياء و على آله و أصحابه، و سلم كثيرا.
آمين يا رب العالمين.
خاتمة في التنبيه على
الكتب التي تطلب فيها حقيقة هذه العقيدة:
اعلم أن ما ذكرناه هو
الحاصل من علوم القرآن، أعني جمل ما يتعلق منها باللّه و اليوم الآخر؛ و هي ترجمة
العقيدة التي لا بد أن ينطوي عليها قلب كل مسلم، بمعنى أنه يعتقده و يصدق به
تصديقا جزما. و وراء هذه العقيدة الظاهرة رتبتان: إحداهما معرفة أدلة هذه العقيدة
الظاهرة من غير خوض على أسرارها، و الثانية معرفة أسرارها و لباب معانيها و حقيقة
ظواهرها. و الرتبتان جميعا ليستا واجبتين على جميع العوام، أعني أن نجاتهم في
الآخرة غير موقوفة عليهما، و لا فوزهم موقوف عليهما، و إنما الموقوف عليهما كمال
السعادة. و أعني بالنجاة الخلاص من العذاب، و أعني بالفوز الحصول على أصل النعيم،
و أعني بالسعادة نيل غايات النعيم، فالسلطان إذا استولى على بلدة و فتحها عنوة،
فالذي لم يقتله و لم يعذبه فهو ناج و إن أخرجه عن البلدة، و الذي لم يعذبه و مع
ذلك مكّنه من المقام في بلدته مع أهله و أسباب معيشته فهو مع ذلك فائز بالنجاة.
و الذي خلع عليه و أشركه
في ملكه و استخلفه في مملكته و إمارته فهو مع النجاة و الفوز سعيد، ثم زيادة درجات
السعادات لا تنحصر. و اعلم ان الخلق في الآخرة ينقسمون إلى هذه الأصناف، بل إلى
أصناف أكثر منها، و قد شرحنا ما أمكن من شرحها في كتاب التوبة فاطلبه فيه.
و الرتبة الأولى من
الرتبتين: و هي معرفة أدلة هذه العقيدة، و قد أودعناها الرسالة القدسية في قدر
عشرين ورقة، و هي أحد فصول كتاب قواعد العقائد من كتاب الإحياء.
و أما أدلتها مع زيادة
تحقيق و زيادة تأنق في إيراد الأسئلة و الإشكالات، فقد أودعناها في كتاب الاقتصاد
في الاعتقاد في مقدار مائة ورقة، فهو كتاب مفرد برأسه، يحوي لباب علم المتكلمين، و
لكنه أبلغ في التحقيق، و أقرب إلى قرع أبواب المعرفة من الكلام الرسمي الذي يصادف
في كتب المتكلمين. و كل ذلك يرجع إلى الاعتقاد لا إلى المعرفة؛ فإن المتكلم لا
يفارق العامي إلا في كونه عارفا، و كون العامي معتقدا، بل هو أيضا معتقد عرف مع
اعتقاده أدلة الاعتقاد، ليؤكد الاعتقاد و يستمره، و يحرسه عن
اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 16