و أن ليس لها تقرر في الخارج بدون الفاعل لها[1]،فما وجه هذا
الاختلاف[2].
أجيب: بأنه قد يراد بالمجعولية[3]الاحتياج إلى الفاعل و هي من لوازم الوجود كتناهي الجسم[4]دون الماهية، كزوجية الأربعة، و قد يراد الاحتياج إلى الغير، فيكون
من لوازم الماهية في المركب خاصة، فمن قال: بالمجعولية مطلقا[5]أراد عروضها للماهية في الجملة، و من نفاها أراد أن الاحتياج إلى
الفاعل ليس من عوارض الماهية، و من فصل أراد أن الاحتياج إلى الغير من لوازم
الماهية، المركب دون البسيط، و ان اشتركا في احتياج الوجود إلى الفاعل).
احتج القائلون بعدم مجعولية الماهية، بأن كون الانسان إنسانا لو
كان بالفاعل لارتفع بارتفاعه، فيلزم أن لا يكون الإنسان إنسانا على تقدير عدم
الفاعل و هو محال.
و الجواب: أنه إن أريد أنه يلزم أن يكون الإنسان ليس بإنسان بطريق
السلب، و لا نسلم استحالته، فإن عند ارتفاع الفاعل يرتفع الوجود، و تبقى الماهية
معدومة، فيكذب الايجاب، فيصدق السلب، و إن أريد بطريق العدول، بأن يتقرر الإنسان
في نفسه بحسب الخارج، و يكون لا إنسانا فلا نسلم لزومه، فإن عند ارتفاع الفاعل لا
يبقى الإنسان حتى يصلح موضوعا للإيجاب.
قال: فإن قيل: يريد التنبيه على ما يصلح محلا[6]للخلاف في هذه المسألة، فإنه معلوم أن ليس للفاعل تأثير، و جعل
بالنسبة إلى ماهية الممكن، و آخر بالنسبة إلى وجوده، حتى تكون الماهية مجعولة،
كالوجود، و أن ليس للماهية تقرر في الخارج، بدون الفاعل، حتى يكون المجعول: هو
الوجود فقط[7]،بل أثر
[2]الاختلاف بين العقلاء ..؟ في كونها
مجعولة أو لا ..؟ و حاصله أن التأثير الذي هو الجعل لا يمكن لعاقل ادعاء كونه في
الخارج للوجود بدون الماهية و لا للماهية بدون لزوم الوجود.