بينها تصادق في الجملة، إما على الوجه الكلي من الجانبين، بأن يصدق
كل من الجزءين على كل ما يصدق عليه الآخر، فيكونان متساويين كالمركب من المغتذي و
النامي، أو من جانب واحد بأن يصدق أحدهما على كل ما يصدق عليه الآخر، من غير عكس،
فيكون بينهما عموم و خصوص مطلق، كالمركب من الحيوان و الناطق. و إما لا على الوجه
الكلي بأن يصدق كل منهما على بعض ما يصدق عليه الآخر، فيكون بينهما عموم و خصوص من
وجه كالمركب من الحيوان و الأبيض، و أما المتباينة، فإما متماثلة كما في العشرة من
الآحاد، و إما متخالفة محسوسة، كما في البلقية من السواد و البياض، أو معقولة كما
في الجسم من الهيولي و الصورة، أو مختلفة كما في الإنسان من البدن المحسوس، و
النفس المعقولة. و قد تقسم المتخالفة إلى ما تكون للشيء مع ما عرض له من الإضافة
إلى الفاعل، كالعطاء لفائدة من المعطي، أو إلى القابل كالفطوسة[1]لتقعير في الأنف، أو إلى الصورة كالأفطس الأنف فيه تقعير، أو إلى
الغاية كالخاتم لحلقة يتزين بها الأصبع، و إلى ما يكون للشيء مع إضافة إلى
المعلول، كالخالق و الرازق[2]،و إلى ما لا يكون
فيما بين العلة و المعلول و هو ظاهر، و باعتبار آخر: الأجزاء إما وجودية كالنفس و
البدن للإنسان أو عدمية كسلب ضرورة الوجود و العدم للإمكان، أو مختلطة من الوجودي
و العدمي كالسابقية، و عدم المسبوقية للأولية، و أيضا إما حقيقة كما في الإنسان من
النفس و البدن، أو إضافية كما في الأقرب من القرب. و زيادته، أو ممتزجة بعضها
حقيقي، و بعضها إضافي كما في السرير من الأجزاء الخشبية، و الترتيب النسبي[3].
[1]الفطس: بفتحتين تطامن قصبة الأنف و
انتشارها و بابه طرب فهو (أفطس) و الاسم (الفطسة) بفتحتين لأنه كالعاهة. و فطس مات
و بابه جلس.
[2]المتصفح لكتاب المواقف يجد الكثير من
العبارات و الألفاظ بنصها و فصها و كأنها منقولة نقلا كاملا.
(راجع في ذلك المواقف ج 3 ص 27 بعدها).
[3]النسبي مقابل للمطلق، و النسبي هو
المتعلق بغيره من حيث هو غيره أو هو المنسوب إلى المدرك من حيث هو مدرك أو هو ما
تتألف منه العلاقات أو يتألف منها.