(قال:فإن قلت: بطلان ثبوت المعدوم و الواسطة في غاية الجلاء، فكيف ذهب
على الكثير من العقلاء؟
قلت: كان مبنىالأول:على أن السواد المعدوم مثلا سواد في الخارج لا يتعلق سواديته
بأسباب الوجود.
و الثاني:على أن من الصفات ما قام الدليل على أنها ليست بموجودة، و لا سبيل
إلى نفيها، لاتصاف الموجود بها، وجد فرض العقل أو لم يوجد، كالوجود و الإيجاد و
العالمية، و اللونية فجزموا بأنها لا موجودة و لا معدومة).[1]
لما كان بطلان[2]القول
بثبوت المعدوم في الخارج، و تحقق الواسطة بينه و بين الموجود جليا بل ضروريا، و قد
ذهب إليهما سيما إلى تحقق[3]الواسطة
كثير من العلماء المحققين، حاول التنبيه على ما يصلح مظنة للاشتباه في المقامين.
أما الأول فهو أن العقل جازم بأن السواد سواد في الواقع[4]،و إن لم يوجد
أسباب الوجود من الفاعل و القابل، فإن أسباب الماهية غير أسباب الوجود، على ما
سيجيء فعبروا عن هذا المعنى بالثبوت في الخارج، لما رأوا فيه من شائبة التقرر و
التحقق، مع نفيهم الوجود الذهني، و هو قريب من قول
[1]بل هي رتبة بين ذلك فلم تنته في
ثبوتها إلى حد الوجود و لا هي في حيز العدم لثبوتها فهذا هو الذي يشبه أن يكون
مستند مثبت الواسطة و يشبه أن يكون هو مبنى إثباتها، و إن رد عليه بأن كونها
للموجود لا ينفي عدمها و كونها غير موقوفة على فرض العقل لا يخرجها عن عدمها لصحة
الاتصاف بالعدميات من غير فرض فارض.