نفيا صرفا، و إلا لما بقي فرق بين العام و الخاص بل ثابتا. و قد
صدق على المنفي فيلزم كونه ثابتا ضرورة أن ما صدق عليه الأمر الثابت ثابت، و هو
باطل ضرورة استحالة صدق أحد[1]النقيضين
على الآخر، هذا تقرير الإمام على اختلاف عباراته، و قد اعتبر في بعضها النسب بين
العدم و النفي، ثم قال:
و إذا لم يكن العدم نفيا صرفا بل ثابتا و هو صادق على النفي انتظم
قياس هكذا: كل نفي عدم، و كل عدم ثابت. فكل نفي ثابت. و هو محال. و أجيب عنه:
بعبارات محصلها أنا لا نسلم[2]أنه
إذا لم يكن نفيا صرفا، كان ثبوتيا محضا. لجواز أن يكون مفهوما بكون بعض أفراده
ثابتا كالمعدومات الممكنة، و بعضها منفيا كالممتنعات، و هذا القدر كاف في الفرق[3]،و حينئذ لا يصدق
أن كل معدوم ثابت، ليلزم كون المنفي ثابتا. و زعم صاحب المواقف أن الاستدلال
إلزامي. تقريره: أنه لو كان المعدوم[4]ثابتا
كان المعدوم أعم من المنفي، و كان متميزا عنه، فكان ثابتا، لأن كل متميز ثابت
عندكم، و قد صدق المعدوم على المنفي فيكون ثابتا ضرورة أن ما صدق عليه الوصف
الثبوتي فهو ثابت، و لا خفاء في أن الجواب المذكور لا يتأتى على هذا التقدير، فمن
أورده لم يتفطن بمراد المستدل، و كون كلامه إلزاميا.
فنقول: الجواب المذكور إنما أورد على تقرير الإمام، و لا أثر فيه
لحديث الإلزام، على أنه لو قصد ذلك لكانت أكثر المقدمات لغوا. إذ يكفي أن يقال:
لو لم يكن المعدوم و المنفي واحدا لكان المنفي متميزا عنه[5]،و كان ثابتا، على
أن الحق أنه لا تعلق لهذا الإلزام بكون المعدوم ثابتا. إذ يقال: لو كان المنفي
مباينا للموجود كان متميزا عنه، و كان ثابتا. و ليت شعري كيف جعل خصوص المعدوم
مستلزما لكونه منفيا، و عمومه مستلزما لكونه ثابتا مع قيام التميز في الحالين، فإن
قيل على التقريرين[6]: لما كان زعم الخصم ثبوت