المعدوم: فأي حاجة للمستدل إلى إثبات ذلك بالتكلف، ليفرع عليه ثبوت
المنفي؟. و هلا قال: من أول الأمر:- لو كان المعدوم ثابتا و هو صادق على المنفي
لزم ثبوته.
قلنا: زعمه أن الذوات المعدومة الممكنة ثابتة، و مقصود المستدل
إثبات:
أن الوصف الذي هو المعدوم المطلق ثابت منه ثبوت موصوفه. و إلى هذا
يشير قول المواقف: لو كان المعدوم ثابتا كان المعدوم أعم بإعادة لفظ المعدوم دون
ضميره. ألا يرى أن ما آل إليه كلامه، أنه لو كان المعدوم ثابتا. لكان المعدوم
ثابتا فلو لم يرد الموصوف و بالثاني الوصف لكان لغوا. و مما يجب التنبه له: أن
المراد بالأعم في تقرير الإمام، ما[1]يشمل
العموم المطلق، و العموم من وجه ليتم الحسر، و في تقرير المواقف يجوز أن يحمل على
المطلق و يبين الملازمة بأنه صادق على كل منفي[2].
أدلة القائلين بشيئية المعدوم و الرد عليهم
(قال:تمسك المخالف بوجوه.الأول:أن المعدوم
متميز، لأنه معلوم و مراد و مقدور و كل متميز ثابت. لأن التميز إنما يكون بالإشارة
العقلية، و الإشارة إلى النفي الصرف محال.
الثاني:أنه ممكن، و كل ممكن ثابت لأن الإمكان ثبوتي.
قلنا: كل من التميز و الإمكان عقلي، يكفيه ثبوت المتميز و الممكن
في الذهن، و لو اقتضيا الثبوت عينا لزم ثبوت الممتنعات لتميزها، و المركبات
الخياليات[3]لتميزها و إمكانها.
الثالث:أن معنى ثبوت المعدوم، أن السواد المعدوم مثلا سواد في نفسه؛ إذ لو
كان ذلك بالغير لزم ارتفاعه بارتفاع الغير، فلا يبقى السواد الموجود سوادا حينئذ[4].