اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 250
أقول: فإذا علمت ما ذكرنا من هذا الاحتياطات للعبادات و الاستظهار في
الرّوايات و السّجدات، و لم يسمح عقلك بالخضوع و لا قلبك بالخشوع، و لا عينك
بالدّموع، فاشتغل بالبكاء على قساوة قلبك، و غفلتك عن ربّك و ما أحاط بك من ذنبك،
عن الطمع في قضاء حاجتك الّتي ذكرتها في دعواتك، و بادر رحمك اللّه إلى معالجة
دائك و تحصيل شفائك، فأنت مدنف المرض على شفاء و تب من كلّ ذنب، و اطلب العفو ممّن
عوّدك أنّك إذا طلبت العفو منه عفى.
أقول: و نحن نذكر تمام
رواية جدنا أمّ داود رضوان اللّه عليهما ليعلم كيفيّة تفصيل إحسان اللّه جلّ جلاله
إليهما، فلا تقنع لنفسك أن تكون معاملتك للّه جلّ جلاله و إخلاصك له و اختصاصك به
و التوصّل في الظّفر برحمته و إجابته دون امرأة، و النّساء رعايا للعقلاء، و
الرّجال قوّامون على النساء، و قبيح بالرئيس أن يكون دون واحد من رعيّته.
فقالت أمّ جدّنا داود
رضوان اللّه عليه: فكتبت هذا الدّعاء و انصرفت و دخل شهر رجب و فعلت مثل ما أمرني
به- تعني الصّادق عليه السلام- ثمّ رقدت تلك اللّيلة، فلما كان في آخر اللّيل رأيت
محمّداً صلّى اللّه عليه و آله و كلّ من صلّيت عليهم من الملائكة و النّبيّين، و
محمّد صلّى اللّه عليه و آله و عليهم يقول[1]:
يا أمّ داود أبشري و كلّ من ترين من إخوانك- و في رواية أخرى: من أعوانك و إخوانك
و كلّهم يشفعون لك، و يبشّرونك بنجح حاجتك و أبشري فإنّ اللّه تعالى حفظك و يحفظ
ولدك و يردّه عليك.
قالت: فانتبهت فما لبثت
إلّا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة للراكب المجدّ المسرع العجل، حتّى
قدم عليّ داود، فسألته عن حاله فقال: إِنّي كنت محبوسا في أضيق حبس و أثقل حديد- و
في رواية: و أثقل قيد- إلى يوم النّصف من رجب.
فلمّا كان اللّيل رأيت في
منامي كأنّ الأرض قد قبضت لي، فرأيتك على حصير صلاتك، و حولك رجال رءوسهم في
السّماء، و أرجلهم في الأرض يسبّحون اللّه تعالى