اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 201
و ما بقي بين يديه على اليقين ليلة واحدة من شهر رمضان، بل هو مستقبل
ليلة العيد، و ما يعتقد انّ ليلة العيد تنزّل الملائكة و الرّوح فيها، و انّما
يتلو هذه الألفاظ بالغفلة عن المراد بها و القصد لها، و لسان حال عقله كالمتعجّب
منه، و لا يؤمن أن يكون اللّه جلّ جلاله معرضا عنه، لتهوينه باللّه جلَّ جلاله في
خطابه بالمحال، و مجالسته للّه جلّ جلاله بالإهمال.
أقول: و ربّما يطلب في هذا
الشهر في الدّعوات ما كان الدّاعون قبله يطلبونه، و هو لا يطلب حقيقة ما كانوا
يطلبونه و يريدونه، مثل قوله: «وَ أَدْخِلْنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ
مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ».
و قد كان من جملة الخير
الّذي أدخلهم اللّه جلَّ جلاله فيه الامتحان بالقتل و الحبوس و الاصطلام و سبي
الحرم و قتل الأولاد، و احتمال أذى في كثير من أذى الأنام، و أنت أيّها الدّاعي لا
تريد أن تبتلى منه بشيء أصلا.
و من جملة الخير الّذي
أدخلهم فيه الإمامة، و أنت تعلم أنّك لا ترى نفسك لطلب ذلك أهلا.
فليكن دعاؤك في هذه الأمور
مشروطا بما يناسب حالك، و لا تطلق بقلبك و لفظك ظاهر معاني اللّفظ المذكور، مثل أن
تطلب في الدعاء القتل في سبل المراضي الإلهيّة، و أنت ما تريد نجاح هذا المطلوب
بالكليّة.
فليكن مطلوبك منه ان يعطيك
ما يعطى من قتل في ذلك السّبيل الشّريف من أهل القوّة و المعرفة بذلك التّشريف، و
إن لم يكن محاربا في اللَّه و لا مجاهدا، بل بفضل اللَّه المالك اللطيف.
و مثل أن يطلب في الدّعاء
أن يجعل رزقه قوت يوم بيوم، و يعني ما يمسك رمقه أو يشبعه و عياله، و هو لا يرضى
بإجابته إلى هذا المقدار، و لو أجابه اللَّه جلّ جلاله، كان قد استعاد منه كثيرا
ممّا في يديه من زيادة اليسار.
فليكن قصدك في أمثال هذه
الدّعوات موافقا لما يقتضيه حالك من صواب الإرادات، و احذر أن تكون لاعبا و
مستهزئا و غافلا في الدعوات.
الإقبال بالأعمال الحسنة
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 201