اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 188
التّجارة المربحة، و المطالب المنجحة.
أَقول: و قد يدخل في نيّات
أهل الصّيام إخطار، بعضها يفسد حال الصيام، و بعضها ينقصه عن التمام، و بعضها
يدنيه من باب القبول، و بعضها يكمّل له شرف المأمول، و هم أصناف:
صنف منهم: الّذين يقصدون
بالصّوم طلب الثّواب، و لولاه ما صاموا و لا عاملوا به ربّ الأرباب، و فهؤلاء
معدودون من عبيد السّوء، الّذين أعرضوا عمّا سبق لمولاهم، من الانعام عليهم و عمّا
حضر من إحسانه إليهم، و كأنّهم إنّما يعبدون الثّواب المطلوب و ليسوا في الحقيقة
عابدين لعلّام الغيوب، و قد كان العقل قاضيا ان يبذلوا ما يقدرون عليه من الوسائل،
حتّى يصلحوا للخدمة لمالك النّعم الجلائل.
و صنف: قصدوا بالصّوم
السّلامة من العقاب، و لو لا التهديد و الوعيد بالنّار و أهوال يوم الحساب ما
صاموا، فهؤلاء من لئام العبيد، حيث لم ينقادوا بالكرامة، و لا رأَوا مولاهم أهلا
للخدمة، فيسلكون معه سبيل الاستقامة، و لو لم يعرفوا أهوال عذابه ما وقفوا على
مقدّس بابه، فكأنّهم في الحقيقة عابدون لذّاتهم ليخلصوها من خطر عقوباتهم.
و صنف: صاموا خوفا من
الكفّارات و ما يقتضيه الإفطار من الغرامات، و لو لا ذلك ما رأَوا مولاهم أهلا
للطّاعات، و لا محلّا للعبادات، فهؤلاء متعرّضون لردّ صومهم عليهم، و مفارقون في
ذلك مراد اللَّه و مراد المرسل إليهم.
و صنف: صاموا عادة لا
عبادة، و هم كالمسافرين في صومهم عمّا يراد الصّوم لأجله، و خارجون عن مراد مولاهم
و مقدّس ظلّه، فحالهم كحال السّاهي و اللّاهي، و المعرض عن القبول و التّناهي.
و صنف: صاموا خوفا من أَهل
الإسلام، و جزعا من العار بترك الصّيام، إِمّا للشك أَو الجحود، أَو طلب الراحة في
خدمة المعبود، فهؤلاء أَموات المعنى أَحياء الصورة، و كالصمّ الّذين لا يسمعون
داعي صاحب النعم الكثيرة، و كالعميان الّذين لا يرون انّ نفوسهم بيد مولاهم ذليلة
مأسورة، و قد قاربوا أَن يكونوا كالدّوابّ، بل زادوا عليها، لأنّها تعرف من يقوم
بمصالحها و بما يحتاج إليه من الأسباب.
الإقبال بالأعمال الحسنة
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 188