اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 187
قصدت بالنيّة الواحدة صوم الشهر كلّه، أَو جدّدت كلّ يوم نيّة لصوم
ذلك اليوم، ليكون أبلغ لك في الظّفر بفضله، و ان تهيّأ أن تكون نيّتك ان تصوم عن
كلّ ما شغل عن اللَّه، فذلك الصوم الّذي تنافس المخلصون في مثله.
أَقول: و اعلم انّ
الداخلين في الصيام على عدّة أصناف و أقسام:
فصنف: دخلوا في الصّوم
بمجرد ترك الأكل و الشرب بالنّهار و ما يقتضي الإفطار في ظاهر الاخبار، و ما صامت
جارحة من جوارحهم عن سوء آدابهم و فضائحهم، فهؤلاء يكون صومهم على قدر هذه الحال
صوم أهل الإهمال.
و صنف: دخلوا في الصوم و
حفظوا بعض جوارحهم عن سوء الآداب على مالك يوم الحساب، فكانوا في ذلك النهار
متردّدين بين الصوم بما حفظوه و الإفطار بما ضيّعوه.
و صنف: دخلوا في الصّوم
بزيادة النّوافل و الدعوات الّتي يعملونها بمقتضى العادات، و هي سقيمة لسقم
النيّات، فحال أعمالهم على قدر إهمالهم.
و صنف: دخلوا دار ضيافة
اللَّه جلّ جلاله في شهر الصيام، و القلوب غافلة، و الهمم متكاسلة، و الجوارح
متثاقلة، فحالهم كحال من حمل هدايا إلى ملك ليعرضها عليه، و هو كاره لحملها إليه،
و فيها عيوب تمنع من قبولها و الإقبال عليه.
و صنف: دخلوا في الصوم و
أصلحوا ما يتعلّق بالجوارح، و لكن لم يحفظوا القلب من الخطرات الشاغلة عن العمل
الصالح، فهم كعامل دخل على سلطانه، و قد أصلح رعيّته بلسانه، و أهمل ما يتعلّق
بإصلاح شأنه، فهو مسئول عن تقديم إصلاح الرّعية على إصلاح ذاته، و كيف أَخّر
مقدّما و قدّم مؤخّرا، و خاطر مع المطّلع على إرادته.
و صنف: دخلوا في الصّيام
بطهارة العقول و القلوب على اقدام[1] المراقبة لعلّام الغيوب، حافظين
ما استحفظهم إيّاه، فحالهم حال عبد تشرّف برضا مولاه.
و صنف: ما قنعوا للَّه جلّ
جلاله بحفظ العقول و القلوب و الجوارح، عن الذنوب و العيوب و القبائح، حتّى شغلوها
بما وفّقهم له من عمل راجح صالح، فهؤلاء أصحاب