أقول: فيا سعادة من ظفر بموافقة أهل بيت المباهلة و التطهير و الثقل
المعظم المنير المصاحب للقرآن المنيف و سفينة النجاة في التكليف و احتمل في رضى
المالك اللطيف كل تهديد و تخويف و سار معهم إلى محل مقامهم الشريف فينبغي أن يصاحب
هذا اليوم بقدر ما يستحقه من جلالته و حرمته و الاعتراف لله جل جلاله بمنته و
لرسوله ص بمحل ولادته و لما صدر عنها من أن المهدي الذي بشر به النبي ص منها
فليجتهد الإنسان في القيام لله جل جلاله بشكره و لرسوله ع بعظيم قدره و يواصل أهل
الإيمان بما يقدر عليه من بره و يختمه بخاتمة كل يوم أشرنا فيما سلف إلى تعظيم
أمره و يستقبل كلما يبلغ اجتهاده من الطاعات و الخيرات إليه فإن حق الله جل جلاله
و حق رسوله ص و خاصته لا يقضى و إن اجتهد الإنسان بغاية إرادته لأن المنة لهم
سابقة و لاحقة و باطنة و ظاهرة و ماضية و حاضرة أ ما تعرف أنك لو وهبت غلاما
إنعاما عليه أو أعطيت عبدك شيئا من الدنيا و سلمته إليه ثم من عليك بشيء منه
أنكرت ذلك عليه و كذلك لو هديت ضالا فمن عليك بشيء من هداياتك كنت قد عددته ظالما
و جاحدا حقوق مقاماتك و لا يخفى عليك إن كنت من المسلمين أن كلما أنت فيه بطريق
سيد المرسلين و عترته الطاهرين عليهم الصلاة و السلام أجمعين.
الباب الثامن فيما نذكره
مما يختص بشهر رجب و بركاته و ما نختاره من عباداته و خيراته
و فيه فصول
فصل فيما نذكره بالمعقول
من تعظيم شهر رجب و التنبيه على شرف محله و تحف فضله
اعلم أننا كنا ذكرنا في
أوائل هذا الجزء و بعد إثبات أبواب هذا الكتاب أن الشهور كالمراحل إلى الموت و ما
بعده من المنازل و أن كل منزل ينزله العبد في دنياه في شهوره و أيامه ينبغي
[فينبغي] أن يكون محله على قدر ما يتفضل الله جل جلاله فيه من إكرامه و إنعامه و
مذ فارقت أيها الناظر في كتابنا هذا شهر ربيع الأول الذي كان فيه مولد سيدنا رسول
الله ص و ما ذكرناه فيه من الفضل المكمل لم تجد من المنازل المتشرفة بزيادة
المكتسب أفضل من هذا شهر رجب لاشتماله على وقت إرسال الله جل رسوله محمدا ص إلى
عباده و إغاثة [إعانة] أهل بلاده بهدايته و إرشاده و لأجل حرماته التي ذكرها في
روايات بركاته و خيراته فكن مقبلا على مواسم [مراسم] هذا الشهر بعقلك و قلبك و
معترفا بالمراحم و المكارم المودعة فيك من ربك و إملاء ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك
لمولاه و رضاه و مما يسرك أن تلقاه و اجتهد أن لا تبقى في المنزل الذي تعلم أنك
راحل عنه ما تندم على تركه أولا بذلك منه فكلما أنت تاركه منهوب مسلوب و أنت مطلوب
مغلوب و سائر عن قليل وراء مطايا أعمالك و نازل حيث حملت ما قدمت من قماشك و رحالك
فأحذر نفسي و إياك أن يكون المقتول من الذخائر ندما و شرابه علقما و عافيته سقما
فهل تجد أنك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرزايا تعيد عليك ما مضى من حياتك و
تستدرك ما فرطت فيه من طاعاتك و نقل مهماتك و سعاداتك هيهات هيهات لقد كنت تسمع و
أنت في الدنيا بلسان الحال تلهف النادمين و تأسف المفرطين و صارت الحجة عليك لرب
العالمين فاستظهر رحمك الله استظهار أهل الإمكان في الظفر بالأمان و الرضوان و سوف
نذكر من طريق الأخبار طرقا [طرفا] من
اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 2 صفحة : 626