ثُمَّ انْصَرَفَ عَلِيٌّ ع إِلَى النَّبِيِّ ص وَ يَقْصِدُ فِي السَّيْرِ وَ أَبْطَأَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي أَمْرِ عَلِيٍّ ع وَ مَا كَانَ مِنْهُ فَاغْتَمَّ النَّبِيُّ ص لِذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَ كَفَّ عَنِ النِّسَاءِ مِنَ الْهَمِّ وَ الْغَمِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَعَلَّ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ أَوْ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ فَقَالُوا لِأَبِي ذَرٍّ قَدْ نَعْلَمُ مَنْزِلَتَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَدْ تَرَى مَا بِهِ فَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ [نعلم] لَنَا أَمْرُهُ فَسَأَلَ أَبُو ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ النَّبِيَّ ص عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَا نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَ إِنِّي لَمَيِّتٌ وَ مَا وَجَدْتُ فِي أُمَّتِي إِلَّا خَيْراً وَ مَا بِي مِنْ مَرَضٍ وَ لَكِنْ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِي لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ إِبْطَاءِ الْوَحْيِ عَنِّي فِي أَمْرِهِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَعْطَانِي فِي عَلِيٍّ [بِعَلِيٍ] تِسْعَ خِصَالٍ ثَلَاثَةً لِدُنْيَايَ وَ اثْنَتَانِ لآِخِرَتِي وَ اثْنَتَانِ أَنَا مِنْهُمَا آمِنٌ وَ اثْنَتَانِ أَنَا مِنْهُمَا خَائِفٌ وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى الْغُدْوَةَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَقَدَّمُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع خَلْفَ النَّبِيِّ ص وَ يَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ فَيَسْتَأْذِنُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ وَ بِذَلِكَ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمَّا تَوَجَّهَ عَلِيٌّ ع إِلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَمْ يَجْعَلْ رَسُولُ اللَّهِ ص مَكَانَ عَلِيٍّ لِأَحَدٍ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى وَ سَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ فَأَذِنَ لِلنَّاسِ فَقَامَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِي حَاجَةٌ قَالَ انْطَلِقْ فِي حَاجَتِكَ فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ مِنَ الْمَدِينَةِ يَسْتَقْبِلُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ إِذَا هُوَ بِرَاكِبٍ مُقْبِلٍ عَلَى نَاقَتِهِ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ ع فَاسْتَقْبَلَهُ وَ الْتَزَمَهُ وَ قَبَّلَهُ وَ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي اقْصِدْ فِي مَسِيرِكَ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أُبَشِّرُ رَسُولَ اللَّهِ ص فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مِنْ أَمْرِكَ فِي غَمٍّ شَدِيدٍ وَ هَمٍّ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع نَعَمْ فَانْطَلَقَ أَبُو ذَرٍّ مُسْرِعاً حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ الْبُشْرَى قَالَ وَ مَا بُشْرَاكَ يَا بَا ذَرٍّ قَالَ قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ لَكَ بِذَلِكَ الْجَنَّةُ ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ ع وَ رَكِبَ مَعَهُ النَّاسُ أَنَاخَ نَاقَتَهُ وَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَتَلَقَّاهُ وَ الْتَزَمَهُ وَ عَانَقَهُ وَ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ وَ بَكَى النَّبِيُّ ع فَرَحاً بِقُدُومِهِ وَ بَكَى عَلِيٌّ ع مَعَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا صَنَعْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي فَإِنَّ الْوَحْيَ أَبْطَأَ عَلَيَّ فِي أَمْرِكَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْلَمُ بِكَ مِنِّي حِينَ أَمَرَنِي بِإِرْسَالِكَ.
وَ مِنْ كِتَابِ ابْنِ أُشْنَاسٍ الْبَزَّازِ مِنْ طَرِيقِ رِجَالِ أَهْلِ الْخِلَافِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ مَوْلَانَا عَلِيٌّ ع إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِآيَاتِ بَرَاءَةَ لَقِيَهُ خِرَاشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُو عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [عَبْدِ وُدٍّ] وَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ عَلِيٌّ ع مُبَارَزَةً يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَ شُعْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُوهُ فَقَالَ لِعَلِيٍّ ع مَا تُيَسِّرُنَا يَا عَلِيُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَلْ بَرِئْنَا مِنْكَ وَ مِنِ ابْنِ عَمِّكَ إِنْ شِئْتَ إِلَّا مِنَ الطَّعْنِ وَ الضَّرْبِ وَ قَالَ شُعْبَةُ لَيْسَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ ابْنِ عَمِّكَ إِلَّا السَّيْفُ وَ الرُّمْحُ وَ إِنْ شِئْتَ بدأ [بَدَأْنَا] بِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ ع أَجَلْ أَجَلْ إِنْ شِئْتَ فَهَلُمُّوا وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يُنَادِي فِي الْمُشْرِكِينَ بِأَرْبَعٍ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ