أقول و روي أنه يقرأ آخر
ليلة من شهر رمضان سورة الأنعام و الكهف و يس و يقول مائة مرة أستغفر الله و أتوب
إليه و من ذلك ما يتعلق بوداع شهر رمضان فنقول إن سأل سائل فقال ما معنى الوداع
لشهر رمضان و ليس هو من الحيوان الذي يخاطب أو يعقل ما يقال له باللسان فاعلم أن
عادة ذوي العقول قبل الرسول و مع الرسول و بعد الرسول ص يخاطبون الديار و الأوطان
و الشباب و أوقات الصفاء و الأمان و الإحسان ببيان المقال و هو محادثة لها بلسان
الحال فلما جاء أدب الإسلام أمضى ما شهدت بجوازه من ذلك أحكام العقول و الأفهام و
نطق به مقدس القرآن المجيد فقال جل جلاله يَوْمَ نَقُولُ
لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
فأخبر أن جهنم رد الجواب بالمقال و هو إشارة إلى لسان الحال و ذكر كثيرا في القرآن
الشريف و في كلام النبي و الأئمة ص و كلام أهل التعريف فلا يحتاج ذوو الألباب إلى
الإطالة في الجواب فلما كان شهر رمضان قد صاحبه ذوو العناية به من أهل الإسلام و
الإيمان أفضل لهم من صحبة الديار و المنازل و أنفع من الأهل و أرفع من الأعيان و
الأمثال اقتضت دواعي لسان الحال أن يودع عند الفراق و الانفصال ذكر ما نورده من
طبقات أهل الوداع لشهر الصيام فنقول اعلم أن الوداع لشهر رمضان يحتاج إلى زيادة
بيان و الناس فيه على طبقات طبقة منهم كانوا في شهر رمضان على مراد الله جل جلاله
و آدابه فيه في السر و الإعلان فهؤلاء يودعون شهر الصيام وداع من صاحب الصفاء و
الوفاء و حفظ الذمام كما تضمنه وداع مولانا زين العابدين ص و طبقة منهم صاحبوا شهر
رمضان تارة يكونون معه على مراد الله جل جلاله في بعض الأزمان و تارة يفارقون
شروطه بالغفلة أو بالعصيان فهؤلاء إن اتفق خروج شهر رمضان و هم مفارقون له في
الآداب و الاصطحاب فالمفارقون لا يودعون و لا هم يجتمعون و إنما الوداع لمن كان
موفقا [مرافقا] و موافقا في مقتضى العقول و
اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 242