اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 243
الألباب و إن اتفق خروج شهر رمضان و هم في حال حسن صحبته فلهم أن
يودعوه على قدر ما عاملوه في حفظ حرمته و أن يستغفروا و يندموا على ما فرطوا فيه
من إضاعة شروط الصحبة و الوفاء و يبالغوا عند الوداع في التلهف و التأسف كيف
عاملوه بوقت من الأوقات بالجفاء و طبقة ما كانوا في شهر رمضان مصاحبين له بالقلوب
بل كان فيهم من هو كاره لشهر الصيام لأنه كان يقطعهم من عادتهم في التهوين و
مراقبة علام الغيوب فهؤلاء ما كانوا مع شهر رمضان حتى يودعوه عند الانفصال و لا
أحسنوا المجاورة له لما نزل بالقرب من دارهم و تكرهوا به و استقبلوه بسوء اختيارهم
فلا معنى لوداعهم له عند انفصاله و لا يلتفت إلى ما تضمنه لفظ وداعهم و سوء مقالهم
أقول فلا تكن أيها الإنسان ممن نزل به ضيف غني عنه و ما نزل به ضيف منذ سنة أشرف
منه و قد حضره للإنعام عليه و حمل إليه معه تحف السعادات و شرف العنايات و ما لا
يبلغه وصف المقال من الآمال و الإقبال فأساء مجاورة هذا الضيف الكريم و جفاه و هون
به و عامل معه معاملة المضيف اللئيم فانصرف [الضيف] الكريم ذاما لضيافته و بقي
الذي نزل به في فضيحة تقصيره و سوء مجاورته أو في عار تأسفه و ندامته فكن إما
محسنا في الضيافة و المعرفة بحقوق ما وصل به هذا الضيف من السعادة و الرحمة و
الرأفة و الأمن من المخافة أو كن لا له و لا عليه فلا تصاحبه بالكراهة و سوء الأدب
عليه و إنما تهلك بأعمالك السخيفة نفسك الضعيفة و تشهرها بالفضائح و النقصان في
ديوان الملوك و الأعيان الذين ظفروا بالأمان و الرضوان أقول و اعلم أن وقت الوداع
لشهر الصيام رويناه عن أحد الأئمة ع من كتاب فيه مسائل جماعة من أعيان الأصحاب و
قد وقع ع بعد كل مسألة بالجواب و هذا لفظ ما وجدناه من وداع شهر رمضان متى يكون
فقد اختلف أصحابنا فقال بعضهم [فبعضهم قال] هو في آخر ليلة منه و بعضهم قال هو في
آخر يوم منه إذا رأي هلال شوال الجواب العمل في عمل شهر رمضان في لياليه و الوداع
يقع في آخر ليلة منه فإن خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين قلت هذا لفظ ما رأيناه
و رويناه فاجتهد في وقت الوداع على إصلاح السريرة فالإنسان على نفسه بصيرة و تخير
لوقت وداع الفضل الذي كان في شهر رمضان أصلح أوقاتك في حسن صحبته و جميل ضيافته و
معاملته من آخر ليلة منه كما رويناه فإن فاتك الوداع في آخر ليلة ففي أواخر نهار
المفارقة له و الانفصال عنه فمتى وجدت في تلك الليلة أو ذلك اليوم نفسك على حال
صالحة في صحبة شهر رمضان فودعه في ذلك الأوان وداع أهل الصفاء و الوفاء الذين
يعرفون حق الضيف العظيم الإحسان و اقض من حق التأسف على مفارقته و بعده بقدر ما
فاتك من شرف ضيافته و فوائد رفده و أطلق من ذخائر دموع الوداع ما جرت به عوائد
الأحبة إذا تفرقوا بعد الاجتماع و قل.