اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 55
و ذلك لأن تلك الماهية
محكوم عليها بأنها واجبة، و الموضوع يمتنع أن يكون عين المحمول. و لأن ماهية واجب
الوجود غير معلومة. و المعلوم ليس هو نفس ما هو غير معلوم.
و انما قلنا: انه يمتنع
كون الوجوب جزءا من تلك الحقيقة، لأن على هذا التقدير تكون تلك الحقيقة مركبة. و
قد بينتم: أن كل مركب ممكن. فاذن يلزم أن يكون الواجب لذاته، ممكنا لذاته و انما
قلنا:
انه يمتنع كون الوجوب صفة
خارجة عن الحقيقة، لأن كل ما كان صفة خارجة عن الحقيقة مفتقرا إليها، كان تحققه
متوقفا على تحقق تلك الحقيقة. و كل ما كان كذلك، كان ممكنا لذاته. فذلك الوجوب
بالذات ممكن لذاته. و اذا كان الوجوب ممكنا بالذات، كان الواجب بالذات أولى بأن
يكون ممكنا بالذات. فثبت: أن الأقسام الثلاثة باطلة، فكان القول بكون الوجوب أمرا
ثبوتيا باطلا.
ثالثها: ان الوجوب محمول على العدم، و المحمول على العدم، يمتنع أن يكون
ثابتا. فالوجوب يمتنع أن يكون ثابتا. و انما قلنا:
ان الوجوب محمول على
العدم: لأن كل ما يصدق عليه أنه يمتنع أن يوجد، يصدق عليه أنه يجب أن لا يوجد.
فالوجوب محمول على لا وجود. فثبت: أن مفهوم الوجوب، محمول على العدم.
و انما قلنا: ان المحمول
على العدم، يمتنع أن يكون ثابتا. لأنه ثبت فى بداهة العقول: أن قيام الصفة
الموجودة بالنفى. المحض محال.
فثبت بهذه البراهين
الثلاثة: ان الوجوب صفة عدمية. و ثبت أن الاشتراك فى الصفة العدمية، لا يوجب وقوع
الكثرة فى الماهية. فثبت:
أنه لا يلزم من اشتراك
الشيئين فى الوجوب، وقوع التركيب فى ماهيتهما.
السؤال الثانى: سلمنا أن الوجوب صفة ثبوتية، لكن لا نسلم أن التعين أمر ثبوتى. بل
نقول: التعين ليس بأمر ثبوتى. و اذا كان
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 55