اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 340
و تلك الصفة علة للبرودة و
الرطوبة. فالكاسر لبرد الماء و رطوبته، ليس هو حر النار و يبسها، بل ناريتها، و
الكاسر لحر النار و يبسها، ليس هو برد الماء و رطوبته، بل مائيته؟
و على هذا التقدير يزول
السؤال لأنا نقول: النارية و المائية انما يتنافيان بواسطة ما بين أثريهما من
التنافى. و حينئذ يعود الكلام الأول.
الفرقة الخامسة من
المخالفين فى هذه المسألة: المعتزلة.
أما «النظام» فقال: انه
تعالى غير قادر على خلق القبيح. قال: لأن صدور هذه الأشياء عن الله تعالى محال. و
كل محال فهو غير مقدور.
و انما قلنا: انه محال.
لأن صدور هذه الأشياء عن الله تعالى، يستلزم الجهل، أو الحاجة و كل واحد منهما
محال. و مستلزم المحال محال.
فصدور هذه الأشياء عن الله
تعالى محال. و انما قلنا: ان المحال غير مقدور، لأن المحال ما يمتنع وقوعه، و
المقدور هو الّذي يمكن وقوعه. و الجمع بينهما محال.
و الجواب على مذهبنا: ان خلق شيء من الأشياء لا يدل فى حق الله تعالى على الجهل، و لا
على الحاجة. فزال هذا السؤال.
و أما على مذهب
«المعتزلة» فالجواب عن هذه الشبهة: ان معنى كون القبائح
مقدورة لله تعالى: أنه لو صح تحقق الداعى الى فعل هذه القبائح فى حق الله تعالى،
كانت قادريته صالحة لايجادها.
فالحاصل: أن فعل هذه
القبائح و ان كان ممتنعا لامتناع الداعى، لكنه غير ممتنع بالنظر الى صلاحية
القدرة.
و أما «الكعبى» فانه
يقول: انه تعالى غير قادر على مثل مقدور العبد، لأن فعل العبد اما طاعة أو
معصية. و هما محالان على الله تعالى فثبت: أنه تعالى غير قادر على مثل فعل العبد.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 340