اعلم: أن للعقلاء فى
الأفعال الاختيارية التى للحيوانات قولين:
القول الأول:
ان ذلك الحيوان غير مستقل
بايجاده و تكوينه.
و أصحاب هذا القول: فرق
أربع: الفرقة الأولى: الذين يقولون: ان الفعل موقوف على
الداعى.
فاذا حصلت القدرة و انضم
إليها الداعى، صار مجموعهما علة موجبة للفعل. و هذا قول جمهور الفلاسفة. و اختيار
«أبى الحسين البصرى»- من المعتزلة- و هو و ان كان يدعى الغلو فى الاعتزال، حتى
ادعى أن العلم- بأن العبد يوجد و يستقل بالفعل- ضرورى. الا أنه لما كان من مذهبه:
أن الفعل موقوف على الداعى. و اذا كان عند الاستواء، يمتنع وقوعه. و حال المرجوحية
أولى بالامتناع. و اذا امتنع المرجوح وجب الراجح. لأنه لا خروج عن النقيضين: كان
هذا عين القول بالجبر. لأن الفعل واجب الوقوع عند حصول المرجح، و ممتنع الوقوع عند
عدم المرجح. فثبت: أن «أبا الحسين» كان شديد الغلو فى القول بالجبر، و ان كان يدعى
فى ظاهر الأمر: أنه عظيم الغلو فى الاعتزال.
الفرقة الثانية: الذين يقولون: المؤثر فى وجود الفعل هو مجموع قدرة الله تعالى و
قدرة العبد. و يشبه أن يكون هذا قول «الأستاذ
[1] انظر تقديمنا لكتاب
لباب الاشارات و التنبيهات. و لكتاب القضاء و القدر للرازى. و هو الجزء التاسع من
كتابه «المطالب العالية من العلم الالهى»- طبعة مستقلة-
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 319