اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 313
و الثانى: لما كانت لقدرة كل واحد منهما صلاحية التأثير فى ايجاد ذلك المقدور.
فنقول: انه يستحيل أن يقال: ان احدى هاتين الصلاحيتين أقوى من الأخرى. و ذلك لأن
المقدور شيء واحد، لا يقبل القسمة أصلا. و اذا كان كذلك، فهو اما أن يكون موجودا،
أو معدوما.
فأما القسم الثالث. و هو
أن يقال: انه يصير بعضه موجودا و بعضه معدوما. فذلك محال. و اذا كان الأمر كذلك،
لم يكن ايجاد مثل هذا المقدور قابلا للتفاوت. و اذا لم يقبل التفاوت، امتنع كون
احدى القدرتين أقوى من الأخرى.
اذا ثبت هذا، فنقول: لما
حصل التساوى فى قدرة هذين القادرين، فلو حصل مقدور أحدهما دون الثانى، لكان هذا
ترجيحا لأحد المتساويين على الآخر، من غير مرجح البتة. و ذلك محال.
فكان هذا القسم محالا.
فثبت: أن القول بوجود إلهين: يفضى الى أحد هذه الأقسام الثلاثة. و لما ثبت أن كل
واحد منهما محال باطل، كان القول بوجود إلهين محالا باطلا.
فان قيل: هذه الأقسام الثلاثة متفرعة على وقوع المخالفة بين الالهين. فنقول:
لم لا يجوز وجود الالهين، بحيث يمتنع وقوع المخالفة بينهما، فعليكم أن تدلوا على
صحة هذه المخالفة. و لا يقال:
الّذي يدل على صحة وقوع
المخالفة بينهما: هو أنا لو قدرنا أحد هذين الالهين منفردا بالوجود، لصح منه أن
يريد حركة زيد. و لو قدرنا الاله الثانى منفردا بالوجود، لصح منه أن يريد سكون
زيد.
و اذا ثبت هذا حال
الانفراد، وجب أيضا حال الاجتماع. لأن ما لكل واحد من الذات و الصفات. قديم. و
القديم لا يجوز عليه التغير و التبدل. و هذا يقتضي أن يكون كل واحد منهما حال
الاجتماع، كما كان حال الانفراد. و هذا يوجب القطع بجواز المخالفة لأنا نقول:
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 313