اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 257
الشبهة الرابعة: أجمعت الأمة على أن النسخ حق، و النسخ عبارة اما عن ارتفاع الحكم
بعد ثبوته، و اما عند انتهائه. و أيا ما كان، فهو يقتضي زوال ذلك الأمر و ذلك
الخطاب بعد ثبوته. و كل ما زال بعد ثبوته، لم يكن قديما. لأن ما ثبت قدمه، استحال
عدمه.
الشبهة الخامسة: لو كان كلام اللّه قديما أزليا، لكان تعلقه بمتعلقاته ثابتا له
لذاته. و لو كان كذلك لكان عام التعلق بكل ما يصح تعلقه به، و لما كان من مذهبكم
أن الحسن و القبح لا يثبتان الا بالشرع، فاذن كل ما كان مأمورا لا يمتنع أن يكون
منهيا. و كل ما كان منهيا، لا يمتنع أن يكون مأمورا. فيلزم تعلق أمر اللّه تعالى
بجميع الأشياء، و تعلق نهيه بجميعها. و يلزم أن تكون جميع الأشياء مأمورة منهية
حسنة قبيحة.
و كل ذلك محال. فثبت: أن
كلام اللّه يمتنع أن يكون أزليا.
و الجواب:
أما جميع الشبه السمعية
فالجواب عنها:
شيء واحد. و هو أن تصرف
كل تلك الوجوه الى هذه الحروف و الأصوات. فانا معترفون بأنها محدثة. و عندهم
القرآن ليس الا ما تركب عن هذه الحروف و الأصوات، فكانت الدلائل التى ذكروها دالة
على حدوث هذه الحروف و الأصوات. و نحن لا ننازع فى ذلك. و انما ندعى قدم القرآن،
بمعنى آخر[8]. فكانت كل هذه الشبهة ساقطة عن محل
النزاع.
و أما الجواب عن الشبه
العقلية
:
فالجواب عن الشبهة الأولى: هو أنها معارضة بالقدرة.
فانها صفة تقتضى صحة الفعل، ثم انها كانت ثابتة فى الأزل مع أن الفعل