اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 251
لما ظهرت المعجزات على وفق
دعاويهم، ثبت كونهم صادقين، سواء علمنا كونه تعالى متكلما أو لم نعلم ذلك.
و أما المقام الثالث- و هو أنا ندعى ان هذه الصفة قديمة- فنقول: لو كانت محدثة، لكانت اما
قائمة به أو بغيره، أولا فى محل. فان كانت قائمة به كان الله تعالى محلا للحوادث.
و هو محال. و ان كانت قائمة بغيره، فهو أيضا محال [و ان لم تكن قائمة بشيء، أو
كانت قائمة. بغيره، أو كانت موجودة لا فى محل. فهو محال][6] لأنا بينا: أن هذا الكلام صفة الله تعالى و نعته. و من المحال أن
تحصل صفة الشيء و نعته، لا فيه بل فى غيره. و الّذي يقوله المعتزلة من أنه يجوز
أن يكون كلامه قائما بغيره، فليس من هذا الباب. و ذلك لأنهم فسروا الكلام القائم
بغيره بأنه يخلق أصواتا و حروفا دالة بالوضع و الاصطلاح، على كونه تعالى مريدا
لبعض الأشياء و كارها لبعضها. و هذا غير ممتنع البتة.
و أما نحن فى هذا المقام
فقد بينا: أنه لو خلق ألفاظا دالة على الطلب و ألفاظا دالة على الحكم و الاسناد،
فلا بد من مدلولات لتلك الألفاظ و مفهومات. و بينا: أن الألفاظ الدالة على الطلب
لا يمكن أن يكون مدلولها الإرادة، و الألفاظ الدالة على الخبر لا يمكن أن يكون
مدلولها العلم، فلا بد من صفات أخرى قائمة بذات الله تعالى، تكون تلك الصفات
مدلولة الألفاظ الدالة على الطلب، و الألفاظ الدالة على الخبر، و تلك المدلولات
يمتنع كونها مباينة عن ذات الله تعالى، بل يجب كونها قائمة بذات الله تعالى.
فالذى يقوله المعتزلة من
أنه يجوز أن يكون الحى متكلما بكلام قائم بالغير: حق و صدق. و الّذي يقوله أصحابنا
من أنه يمتنع أن يكون