اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 196
من علم أن زيدا سيدخل
البلد[6] غدا. ثم انه جلس فى بيت مظلم لا يميز
فيه بين الليل و النهار. و بقى مستديما لذلك العلم، حتى جاء الغد[7] و دخل «زيد» البلد. فههنا هذا الشخص
بمجرد علمه بأن زيدا سيدخل البلد غدا، لا يصير عالما بأنه دخل الآن فى البلد. فثبت
بهذا: أن العلم بأن الشيء سيوجد غدا، لا يكون نفس العلم بوجوده اذا وجد.
بلى. من علم أن زيدا سيدخل
البلد غدا، ثم علم حصول الغد. فحينئذ يتولد من هذين العلمين علم ثالث. و هو العلم
بأن زيدا دخل البلد الآن.
الحجة الرابعة: ان العلم بالشيء صورة مطابقة لذلك الشيء و لا شك أن حقيقة أنه
سيقع بعد ذلك- و هو الآن غير واقع- مغايرة لحقيقة انه واقع فى الحال و حاصل. و اذا
اختلفت المعلومات[8] وجب اختلاف العلمين.
الحجة الخامسة: و هو أنه يمكننا أن نعلم كونه عالما بأن الشيء الفلانى سيقع غدا،
حال ما نجهل كونه عالما بوقوعه حال وقوعه.
و لما حصل العلم بأحد هذين
العلمين حال ما حصل الشك فى حصول العلم الآخر، علمنا تغاير العلم.
و اعلم: أن «أبا الحسين
البصرى» كما أبطل بهذه الدلائل قول المشايخ، التزم وقوع التغير فى علم اللّه تعالى
بالجزئيات المتغيرة.
فقال: «الموجب لكونه تعالى
عالما بالمعلومات هو ذاته، لكن شرط هذا الايجاب: حضور تلك المعلومات. فاذا حصل
المعلوم واقعا على وجه معين، حصل شرط كونه الذات. موجبة للعلم بوقوع ذلك الشيء