responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 153

الحجة الثانية: ان صريح العقل يشهد بأن زيدا و عمرا و خالدا، يشتركون فى معنى الانسانية، و يمتاز كل واحد منهم عن الآخر بطوله و قصره و سواده و بياضه. و ما به المشاركة مغاير لما به المباينة. فاذن مفهوم الانسان من حيث انه انسان مغاير للطول و القصر، و لكونه هنا و هناك، و لكونه أسود أو أبيض. ثم الانسان من حيث انه انسان، اما أن يكون له قدر معين و حيز معين، و اما أن لا يكون كذلك. و الأول و الأول باطل. و الا لما كان مشتركا فيه بين الأشخاص ذوات الأحياز المختلفة، و المقادير المختلفة. فثبت: أن الانسان من حيث انه انسان ليس له قدر معين و لا حيز معين و لا شكل معين. و اذا كان كذلك فالتفتيش قد أخرج من المحسوس ما ليس بمحسوس. فكيف يبعد فى خالق كل المحسوسات، أن يكون منزها عن الشكل و القدر و الخير؟

فان قيل: الانسان من حيث انه انسان لا وجود له فى الخارج، بل فى العقل. و نحن ندعى أن كل موجودين فى الخارج، فلا بد و أن يكون أحدهما ساريا فى الآخر، أو مباينا منه فى الجهة. فأين أحد المتباينين عن الآخر؟

قلنا: نحن لا نستدل بهذا الكلام على وجود موجود فى الخارج، منزه عن المقدار و الجهة، بل غرضنا منه أنه يمكننا أن نعقل أمرا من الأمور، مع أن العقل لا يثبت له تعالى جهة و لا قدرا. و قد ثبت لنا بهذا الدليل: هذا القدر. و اذا لم يكن تصور مثل هذا الموجود مستبعدا فى العقل، فبعد ذلك ادعاء أن هذا الموجود، هل هو موجود خارج الذهن أو لا يكون؟ موقوفا على دليل منفصل.

الحجة الثالثة: انا ندرك المبصرات بالقوة الباصرة، ثم الخيال لا يمكنه أن يتخيل للقوة الباصرة كيفية و شكلا، بل الخيال يستحضر المتخيلات أشكالا و صورا، و يعجز عن أن يستحضر لنفسه صورة و شكلا، فذات الوهم و الخيال من أصدق الدلائل على انه لا يجب أن يكون لكل‌

اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست