اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 131
واحد منها يكون بسيطا فى
نفس الأمر و فى الحقيقة. و اذا كان كذلك، فكل واحد من تلك الأجزاء يكون قابلا
متشابه الأجزاء فى الحقيقة، و تكون للقوة الطبيعية الفاعلة فيها قوة واحدة. و متى
كان الأمر كذلك، وجب أن يكون كل واحد من تلك الأجزاء على شكل الكرة، فوجب أن يكون
بدن الانسان على صورة شكل كرات مضمومة بعضها الى البعض. و معلوم أن الأمر ليس
كذلك.
و أيضا فالنطفة رطوبة
رقيقة، و ما كان كذلك فانه لا يحفظ ترتيب الأجزاء، و لا نسبة بعضها الى بعض،
فالجزء الّذي يحصل من ذوبان الرأس قد يصير أسفل، و الجزء الّذي يحصل من ذوبان
القلب قد يصير فوق. و كان ينبغى أن لا يبقى ترتيب الأعضاء و وضعها على نسبة واحدة
فى الأكثر، و لما لم يكن الأمر كذلك، عملنا: أن انخلاق كل واحد من هذه الأعضاء و
بقاءها على ترتيبها، بتخليق قادر حكيم.
الا أنه بقى هاهنا أن
يقال: لم لا يجوز أن يقال: انما حصلت بتخليق بعض الملائكة، أو بتخليق الكواكب،
فانها أحياء ناطقة فاعلة مختارة؟ و عند ذلك لا بد من الرجوع الى البراهين
المتقدمة.
و أما دلائل الآفاق: فبعضها سفلية عنصرية. و مجامعها الاستدلال بأحوال الحيوان و النبات
و المعادن و الآثار العلوية، و بعضها علوية فلكية. و مجامعها الاستدلال بحول
الافلاك و الكواكب. و الاستقصاء فى هذا النوع من الدلائل، مذكور فى القرآن العظيم،
و مشروح فى كتابنا المسمى ب «أسرار التنزيل و أنوار التأويل».
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 131