responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 34

فإن قيل فنفي الجهة يؤدي إلى المحال، و هو إثبات موجود تخلو عنه الجهات الست و يكون لا داخل العالم و لا خارجه و لا متصلا به، و لا منفصلا عنه، و ذلك محال، قلنا: مسلم أن كل موجود يقبل الاتصال فوجوده لا متصلا و لا منفصلا محال، و إن كان موجود يقبل الاختصاص بالجهة فوجوده مع خلو الجهات الست عنه محال، فإما موجود لا يقبل الاتصال، و لا الاختصاص بالجهة فخلوّ عن طرفي النقيض غير محال، و هو كقول القائل يستحيل موجود لا يكون عاجزا و لا قادرا و لا عالما و لا جاهلا فإن أحد المتضادين لا يخلو الشي‌ء عنه، فيقال له إن كان ذلك الشي‌ء قابلا للمتضادين فيستحيل خلوه عنهما و أما الجماد الذي لا يقبل واحدا منهما لأنه فقد شرطهما و هو الحياة، فخلوه عنهما ليس بمحال، فكذلك شرط الاتصال و الاختصاص بالجهات التحيز و القيام بالمتحيز، فإذا فقد هذا لم يستحل الخلق عن متضادته فرجع النظر إذا إلى أن موجودا ليس بمتحيز، و لا هو في متحيز، بل هو فاقد شرط الاتصال، و الاختصاص هل هو محال أم لا؟

فإن زعم الخضم أن ذلك محال وجوده فقد دللنا عليه بأنه مهما بان، أن كل متحيز حادث و أن كل حادث يفتقر إلى فاعل ليس بحادث فقد لزم بالضرورة من هاتين المقدمتين ثبوت موجود ليس بمتحيز، أما الأصلان فقد أثبتناهما و أما الدعوى اللازمة منهما فلا سبيل إلى جحدها مع الإقرار بالأصلين.

فإن قال الخصم إن مثل هذا الموجود الذي ساق دليلكم إلى إثباته غير مفهوم، فيقال له ما الذي أردت بقولك غير مفهوم فإن أردت به أنه غير متخيل و لا متصور و لا داخل في الوهم فقد صدقت، فانه لا يدخل في الوهم و التصور و الخيال إلّا جسم له لون و قدر، فالمنفك عن اللون و القدر لا يتصوره الخيال، فإن الخيال قد أنس بالمبصرات فلا يتوهم الشي‌ء إلا على وفق مرآه و لا يستطيع أن يتوهم ما لا يوافقه.

اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست