اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 160
عن تأويله فيقول: خاتم النبيين أراد به أولي العزم من
الرسل، فإن قالوا النبيين عام، فلا يبعد تخصيص العام، و قوله لا نبي بعدي لم يرد به
الرسول، و فرق بين النبي و الرسول و النبي أعلى رتبة من الرسول إلى غير ذلك من أنواع
الهذيان. فهذا و أمثاله لا يمكن أن ندعي استحالته من حيث مجرد اللفظ فإنا في تأويل
ظواهر التشبيه قضينا باحتمالات أبعد من هذه و لم يكن ذلك مبطلا للنصوص، و لكن الرد
على هذا القائل أن الأمة فهمت بالإجماع من هذا اللفظ و من قرائن أحواله أنه أفهم عدم
نبي بعده أبدا و عدم رسول اللّه أبدا و أنه ليس فيه تأويل و لا تخصيص فمنكر هذا لا
يكون إلا منكر الإجماع، و عند هذا يتفرع مسائل متقاربة مشتبكة يفتقر كل واحد منها إلى
نظر، و المجتهد في جميع ذلك يحكم بموجب ظنه يقينا و إثباتا و الغرض الآن تحرير معاقد
الأصول التي يأتي عليها التكفير و قد نرجع إلى هذه المراتب الستة و لا يعترض فرع إلا
و يندرج تحت رتبة من هذه الرتب، فالمقصود التأصيل دون التفصيل. فإن قيل:
السجود بين يدي الصنم كفر، و هو فعل مجرد لا يدخل تحت
هذه الروابط، فهل هو أصل آخر؟ قلنا: لا، فإن الكفر في اعتقاده تعظيم الصنم، و ذلك تكذيب
لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و القرآن و لكن يعرف اعتقاده تعظيم الصنم تارة بتصريح
لفظه، و تارة بالإشارة إن كان أخرسا، و تارة بفعل يدل عليه دلالة قاطعة كالسجود حيث
لا يحتمل أن يكون السجود للّه و إنما الصنم بين يديه كالحائط و هو غافل عنه أو غير
معتقد تعظيمه، و ذلك يعرف بالقرائن.
و هذا كنظرنا أن الكافر إذا صلّى بجماعتنا هل يحكم باسلامه،
أي هل يستدل على اعتقاد التصديق؟ فليس هذا إذن نظرا خارجا عما ذكرناه، و لنقتصر على
هذا القدر في تعريف مدارك التكفير و إنما أوردناه من حيث أن الفقهاء لم يتعرضوا له
و المتكلمون لم ينظروا فيه نظرا فقيها، إذ لم يكن ذلك من فنهم، و لم ينبه بعضهم بها
لقرب المسألة من الفقهيات، لأن النظر في الأسباب الموجبة
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 160