responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 104

أن لا يكون له في فعله و لا في تركه غرض، و هذا الانقسام ثابت في العقل؛ فالذي يوافق الفاعل يسمى حسنا في حقه و لا معنى لحسنه إلا موافقته لغرضه، و الذي ينافي غرضه يسمى قبيحا و لا معنى لقبحه الا منافاته لغرضه، و الذي لا ينافي و لا يوافق يسمى عبثا أي لا فائدة فيه أصلا، و فاعل العبث يسمى عابثا و ربما يسمى سفيها، و فاعل القبيح أعني الفعل الذي ينضر به يسمى سفيها و اسم السفيه أصدق منه على العابث، و هذا كله إذا لم يلتفت إلى غير الفاعل أو لم يرتبط الفعل بغرض غير الفاعل، فإن ارتبط بغير الفاعل و كان موافقا لغرضه سمي حسنا في حق من وافقه و إن كان منافيا سمي قبيحا، و إن كان موافقا لشخص دون شخص سمي في حق أحدهما حسنا و في حق الآخر قبيحا إذ اسم القبيح و الحسن بأن الموافقة و المخالفة، و هما أمران إضافيان، مختلفان بالأشخاص و يختلف في حق شخص واحد بالأحوال و يختلف في حال واحد بالأعراض؛ فرب فعل يوافق الشخص من وجه و يخالفه من وجه فيكون حسنا من وجه قبيحا من وجه، فمن لا ديانة له يستحسن الزنا بزوجة الغير و يعد الظفر بها نعمة و يستقبح فعل الذي يكشف عورته و يسميه غمازا قبيح الفعل و المتدين يسميه محتسبا حسن الفعل، و كل بحسب غرضه يطلق اسم الحسن و القبح بل يقتل ملك من الملوك فيستحسن فعل القاتل جميع أعدائه و يستقبحه جميع أوليائه، بل هذا القاتل في الحسن المخصوص جار، ففي الطباع ما خلق مائلا من الألوان الحسان إلى السمرة، فصاحبه يستحسن الأسمر و يعشقه، و الذي خلق مائلا إلى البياض المشرب بالحمرة يستقبحه و يستكرهه و يسفه عقل المستحسن المستهتر به؛ فبهذا يتبين على القطع أن الحسن و القبيح عبارتان عن الخلق كلهم عن أمرين إضافيين يختلفان بالإضافات عن صفات الذوات التي لا تختلف بالإضافة، فلا جرم جاز أن يكون الشي‌ء حسنا في حق زيد قبيحا في حق عمرو و لا يجوز أن يكون الشي‌ء أسود في حق زيد أبيض في حق عمرو لما لم تكن الألوان من الأوصاف الإضافية؛ فإذا فهمت المعنى فافهم أن الاصطلاح في لفظ

اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست