اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 522
بجلال الله- تعالى- كما قال لهم: إِنَّكُمْ
قَوْمٌ تَجْهَلُونَ عند قولهم: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [1].
الثالث: أنه قد وقع زجرهم، و ردعهم عن سؤالهم
أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً بأخذ الصاعقة لهم، و العذاب الأليم عقيبه على ما قال تعالى-
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ [2] و ليس في أخذ الصاعقة لهم ما يدل على
امتناع ما طلبوه؛ بل إنما كان ذلك؛ لأنهم طلبوا ذلك في معرض التشكيك في نبوة موسى،
و قصد [3] إعجازه عن ذلك؛ فأنكر الله- تعالى- ذلك منهم كما أنكر قولهم: لَنْ نُؤْمِنَ
لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [4]. و قولهم: (انزل علينا كتابا
من السماء) [5]. و إن لم يكن ذلك مستحيلا نظرا إلى ما قصدوه من الإعجاز.
قولهم: المقصود من السؤال إنما هو ضم الدليل
السمعى إلى الدليل العقلى للتأكيد؛ فمندفع من وجهين:
الأول: أنه إذا كان عالما بإحالة الرؤية؛
فلا يخفى أن العلم غير قابل للزيادة، و النقصان؛ فطلب التأكيد فيه ممتنع.
و على هذا قال بعض المتأولين: يجب صرف قول
إبراهيم الخليل عليه السلام أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى [6] عن قصد التأكيد؛
لعلمه بإحياء الله- تعالى- الموتى لما ذكرناه إلى مخاطبة جبريل بذلك عند نزوله إليه
بالوحى؛ ليعلم أنه من عند الله- تعالى- و هو بعيد لوجهين:
الأول: أنه خاطب به الرب- تعالى- بقوله رَبِّ
أَرِنِي، و جبريل ليس برب.
الثانى: أن إحياء الموتى غير مقدور لجبريل؛
فلا يحسن السؤال له بإحياء الموتى؛ بل الأولى صرفه إلى ما نقل عنه- عليه السلام- أنه
كان قد أوحى الله- تعالى-
[1] سورة الأعراف 7/ 138. [2] سورة النساء 4/ 153. [3] فى ب (و قصدوا). [4] سورة الإسراء 17/ 90. [5] حكى القرآن عنهم ذلك في قوله تعالى
(يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ...) [6] سورة البقرة 2/ 260.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 522