اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 415
و عند ذلك: فيجب أن لا تخلو عن إدراكه، أو
[1] عن ضده [1] و الكلام في ذلك الثانى؛ كالكلام في الأول، و هو تسلسل ممتنع.
سلمنا أن المدرك في الشاهد، مدرك بإدراك؛
و لكن لا نسلم لزوم ذلك في حق الله- تعالى- و بيانه بخمسة [2] أوجه:
الأول: أنه لا يخلو: إما أن يكون قديما،
أو حادثا.
لا جائز أن يقال بكونه حادثا: و إلا كان
الرب- تعالى- محلا للحوادث؛ و هو محال.
و لا جائز أن يكون قديما: و إلا للزم أن
يكون له مسموعات، و مبصرات في القدم؛ إذ السمع، و البصر من غير مسموع؛ و لا مبصر محال؛
و ذلك يجر إلى القول [3] بقدم [3] العالم، أو أن يكون المعدوم مدركا؛ و هو محال.
الثانى: هو أن الإدراك في الشاهد: إما أن
يكون مشروطا بالبنية المخصوصة، أو لا يكون مشروطا بها.
لا جائز أن لا يكون مشروطا: و إلا للزم الالتباس
بين الإدراكات، و أن تكون حاسة واحدة مدركة بإدراكات مختلفة؛ و هو ممتنع.
و إن كان مشروطا بالبنية المخصوصة: كما ذكرناه
فيما تقدم في تحقيق كل واحدة من الحواس؛ فهو في حق الله- تعالى- محال.
الثالث: أنه لا مانع من تفسير الإدراك بانطباع
صور المحسوسات في حاسة المدرك كما هو مذهب ابن سينا [4]، أو أن يكون الانطباع شرطا
فيه كما هو مذهب الطبيعيين، و يدل على ذلك ما سيأتى عن قرب؛ و ذلك في حق الله- تعالى-
محال.
الرابع: أنه لا مانع من أن يكون الإدراك
مشروطا بخروج شعاع من العين متصل بالمدرك كما هو مذهب الرياضيين، و لهذا فإنا لا ندرك
الهبا في غير شعاع الشمس النازل
[1] فى ب (أو ضده). [2] فى ب (من خمسة). [3] فى ب (قدم). [4] انظر النجاة ص 160- 162.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 415