اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 283
و عند ذلك: فيمتنع القول بإثبات القدرة لله-
تعالى- إذ هو مبنى على حدوث العالم. و إن لم يكن العالم في الأزل ممكنا: فقد فات شرط
إيجاب [1] العلة لمعلولها في الأزل؛ فلذلك امتنع أن يكون العالم موجودا مع البارى في
الأزل، بخلاف الحكم في حالة الحدوث.
ثم إن الإمكان المتجدد: إما أن يكون وجودا،
أو عدما.
فإن كان وجودا: فقد تجدد أمر لم يكن، و الكلام
فيه كالكلام في الأول؛ و يلزم منه التسلسل الممتنع.
و إن كان عدما: فعدمه في الأزل وجود؛ لأن
عدم العدم وجود، و ليس ممكنا، و إلا كان الموجود الممكن ثابتا في الأزل؛ و هو خلاف
الفرض؛ فهو واجب لذاته. فإذا قيل بعدمه؛ فقد قيل بجواز عدم الواجب [2] لذاته [2]؛ و
هو ممتنع.
سلمنا أنه لا يتوقف إيجاده له على شرط؛ و
لكن ما المانع من أن يكون البارى- تعالى- مقتضيا بذاته لإيجاد العالم حادثا، لا أزليا؟
و عند ذلك لا يلزم من قدم العلة؛ قدم المعلول،
و لا من حدوث المعلول؛ حدوث العلة.
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على وجود القدرة
القديمة؛ و لكن معنا ما يدل على أنها غير موجودة.
و بيانه من عشرة أوجه: الأول: أنه لو كان
موجدا بالقدرة القديمة: فإما أن يتوقف الإيجاد بالقدرة على تجدد أمر، أو لا يتوقف،
فإن توقف؛ لزم التسلسل.
و إن لم يتوقف: فيلزم قدم المقدور؛ لقدم
القدرة، أو حدوث القدرة؛ لحدوث المقدور؛ و كل واحد من الأمرين محال.