اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 158
الوجه الثانى: هو أنّا نعلم أنه ما من عصر
من الأعصار من زمن النبي- صلى اللّه عليه و سلم- و الصحابة [1] إلى زمننا هذا. إلا
و فيه العوام، و من لا علم له بالله- تعالى- و ذاته و صفاته على ما يليق [به] [2]
عن بديهة، و لا نظر؛ لعدم أهلية النظر و الاستدلال في حقهم و هم أكثر الخلق في كل عصر؛
بل غاية الموجود في حقهم مجرد الإقرار باللسان، و التقليد المحض الّذي لا يقين فيه.
و مع ذلك فالنبى- صلى اللّه عليه و سلم- و الصحابة و الأئمة من كل عصر حاكمون بإسلامهم
قاضون بإيمانهم، مقرون لهم على ذلك؛ بل و قد كانوا يقرون من يعلم بالضرورة عدم اعتقاد
المسائل الغامضة في حقه؛ كدقائق مسائل الصفات، و غيرها [مما لا خطور لها] [3] بذهنه.
فضلا عن كونه معتقدا لها.
و لو كانت المعرفة بالله- تعالى- واجبة شرعا؛
لما جاز من النبي- صلى اللّه عليه و سلم- و الصحابة و الأئمة، الإقرار على تركها، و
إهمال التوصّل إلى تحصيلها، و إن [4] سمى مسم الاعتقاد [4] التقليدى علما؛ فلا منازعة
معه/ في غير التسمية.
سلمنا وقوع الإجماع على وجوب معرفة الله-
تعالى- و لكن لا نسلم صحة إفضاء النظر إلى وجوبه؛ فضلا عن كونه متوقفا عليه. و بيانه
ما سبق من إنكار النظر [5].
سلمنا صحة إفضاء النظر إليه، و لكن [6] لا
نسلم أنه لا طريق إلى معرفة الله- تعالى- إلا النظر، و الاستدلال؛ بل امكن حصولها بطريق
آخر:
إما بأن يخلق الله- تعالى- للمكلف العلم
بذلك من غير واسطة. و إما بأن يخبره به من لا يشك في صدقه: كالمؤيد بالمعجزات القاطعة.
[1] في ب (و أصحابه). [2] ساقط من أ. [3] الموجود في أ (ما لا خطور لها)، ب
(مما لا خطور له). [4] في ب (فان سمى مسم للاعتقاد). [5] انظر ل 19/ أ و ما بعدها. [6] نقل ابن تيمية ما ذكره الآمدي- في مسألة
وجوب النظر- لما ذكر حجة الخصم «إنا لا نسلم أنه لا طريق» إلى قوله «و لا تعلم و لا
تعليم» في كتابه (درء تعارض العقل و النقل 7/ 356) ثم ذكر جواب الآمدي على الخصوم،
و أيده و استشهد به في ص 357. راجع ما سيأتى في هامش ل 28/ أ.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 158