اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 138
و
إن كان الثانى: فهى غير بديهية؛ إذ لا معنى للبديهى؛ إلا ما لا يتوقف [1] العقل في
تعقله على [1] أمر خارج عنه.
الثانى:
أنّ البديهيات من المعقولات، و المعقولات فرع المحسوسات، و منتزعة منها؛ و لهذا قيل:
إنّ من فقد/ حسا؛ فقد فقد علما. و قد ذهب جمع من العقلاء: إلى أن المحسوسات غير يقينية،
فما هو متفرع عليها؛ أولى أن لا يكون يقينيا.
و
بيان أنها غير يقينيّة: ما نشاهده من القطرة النازلة؛ [2] خطا مستقيما [2]، و النّار
في رأس العود الدائر بسرعة؛ دائرة متصلة، و الصغير كبيرا: كالنار البعيدة في الظّلمة،
و الكبير صغيرا: كالمرئيّات من بعد، و المتحرك ساكنا: كالكواكب، و الساكن متحركا:
كالأشياء
التى يراها راكب السفينة على الشطوط، و المتحرك إلى جهة، و هو متحرك إلى خلافها: كحركة
القمر في الغيم، و المعدوم موجودا: كالمرئى في المرايا من الصّور، و الألوان المختلفة:
كقوس قزح، و ما يشاهده النّائم في منامه، و صاحب الرسّام من الصّور التى لا وجود لها.
إلى غير ذلك.
و
هذا كله مما يدل على غلط المحس، فما هو متفرع عليه، كيف يكون يقينيا؟
الثالث:
هو أن أجلى البديهيّات: الحكم بأن لا واسطة بين النفي و الإثبات، و هو غير يقينى؛ فما
دونه أولى أن لا يكون يقينيا. و بيانه: أن التصديق بهذه القضية؛ متوقّف على تصوّر مفرداتها،
و هما النفي و الإثبات، و النّفي غير بديهى التّصور؛ و لذلك وقع الاختلاف بين العقلاء
في تصوّره؛ فما هو متفرّع عليه؛ أولى أن لا يكون بديهيا.
الرابع:
هو أنا قد نجد أنفسنا جازمة بقضايا على نحو جزمنا بالبديهيات، و الجزم بها غير جائز:
كجزمنا بأنّ ما شاهدناه من ماء البحر باق بحاله مع جواز إعدامه، أو قلبه دما عبيطا
[3]، أو غير ذلك، و كجزمنا بأن ما شاهدناه مرة بعد مرة: أنّه عين المرئى أولا.
مع
جواز إعدام الأول و خلق مثله، و كالذى يجزم قضيته بناء على دليلها جزما لا يرتاب
[1]
في ب (الأمر في تعقله إلى). [2]
في ب (مستشما). [3]
(دم عبيط) طرىّ خالص لا خلط فيه (المصباح المنير: باب العين فصل الباء).
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 138