من الروايات: منها: ما في صحيحة زرارة: «الرجل ينام وهو على وضوء»{1}و
ذلك لأنه لو لم يكن للوضوء استمرار ودوام كما إذا فسّرناه بالمسحتين
والغسلتين بالمعنى المصدري فما معنى أن الرجل ينام وهو على وضوء، إذ
الأفعال توجد وتنصرم وكون الرجل على وضوء فرع أن يكون الوضوء أمراً مستمراً
بالاعتبار. وبعبارة اُخرى: أن ظاهر قوله«و هو على وضوء» أن الرجل بالفعل
على وضوء، نظير ما إذا قيل زيد على سفر فإنّه إنّما يصح إذا كان بالفعل على
سفر ومنه قوله تعالى { وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلىََ سَفَرٍ } {2}و قوله { وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضىََ أَوْ عَلىََ سَفَرٍ } {3}أي
كنتم كذلك بالفعل، وهذا لا يستقيم إلّا إذا كان المرتكز في ذهن السائل أن
الوضوء له بقاء ودوام في الاعتبار. ونظيرها رواية عبد اللََّه بن سنان عن
أبي عبد اللََّه(عليه السلام)قال: «سمعته يقول: من طلب حاجة وهو على غير
وضوء فلم تقض فلا يلومنّ إلّا نفسه»{4}و مرسلة الصدوق عن الصادق(عليه السلام)«إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو على وضوء كيف لا تقضى حاجته...»{5}و غيرهما من الأخبار. و منها: الأخبار الواردة في اشتراط الوضوء في الطواف، كصحيحتي محمّد بن مسلم وعلي بن جعفر المتقدِّمتين{6}و
غيرهما، حيث دلّتنا تلك الروايات على أن الإنسان قد يكون على وضوء وقد
يكون على غير وضوء، ولا معنى لذلك إلّا أن يكون للوضوء كالحدث والطهارة
دوام عند الشارع. و منها: ما هو أصرح من السابقتين، وهو الأخبار
الواردة في أن الرعاف والقيء والقلس والمذي والوذي والودي وأمثال ذلك مما
ورد في الأخبار غير ناقض