والملك ،
وإنّما الكلام في ثبوته فيهما قبل التقابض ، وقد وقع الخلاف في ذلك بينهم
وتفصيل الكلام في ذلك يقع في مقامين: المقام الأول في وجوب التقابض في
الصرف والسلم وعدمه. والمقام الثاني: في جريان الخيار فيهما على كلا تقديري
القول بوجوب التقابض وعدمه. أمّا المقام الأول: فقد استدلّ على وجوب التقابض فيهما بقوله تعالى { «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»{1} } لأنّ الوفاء بالعقد يقتضي التقابض فيهما فيكون واجباً شرعاً. وحكي عن العلّامة (قدّس سرّه){2}
انه استدلّ على وجوب التقابض في بيع الصرف بأنه لولا التقابض للزم الربا ،
لأنّ بيع أحد المتجانسين بالآخر على أن يكون أحدهما معجّلاً والآخر
مؤجّلاً محرّم وربا ، فلو أقبض أحدهما في المقام ولم يقبض الآخر فلا محالة
يشبه الربا فيكون التقابض واجباً شرعاً.
أمّا الاستدلال بآية { «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» } ففيه أوّلاً:
أنّ الآية لا دلالة لها على وجوب الوفاء تكليفاً وإنّما وردت هي في مقام
الارشاد إلى عدم انفساخ البيع بالفسخ ، فهي إرشاد إلى الحكم الوضعي وهو
اللزوم كما ذكرنا تفصيل ذلك سابقاً. وثانياً: أنّا لو سلّمنا أنّها توجب الوفاء
بالعقد شرعاً ، فهو إنّما يتمّ فيما إذا كان للعقد أثر يترتّب عليه خارجاً ،
وأمّا إذا لم يكن للعقد أثر أصلاً لعدم تماميته عند الشارع من أجل توقّفه
على أمر غير متحقّق ، فلا معنى لوجوب الوفاء به ، والعقد في البيعين أعني
الصرف والسلم ممّا لا يترتّب عليه أثر شرعاً لتوقّف تأثيره على حصول
التقابض حسب الفرض ، فالعقد بدونه ممّا لا أثر له فما معنى وجوب الوفاء به.