من باب إبقاء حكم واحد على موضوعه.
واُخرى يترتّب الحكم على مجموع الأفراد الطولية ويفرض الجميع فرداً واحداً
فيحكم عليه بحكم ، فيكون الفرد في كل واحد من الأزمنة جزءاً للموضوع
المركّب لا فرداً مستقلاً من الموضوع ، وفي هذا القسم إذا ورد مخصص على
الحكم وأخرج بعض الأفراد في بعض الأزمنة من عموم ذلك الحكم للعام ، فلا
محالة يرتفع به أصل الحكم ويحتاج ثبوته في الزمان الثاني إلى دليل آخر ، إذ
المفروض أنّ الحكم كان واحداً وقد ارتفع في زمان ، ولا إطلاق للمخصّص
أيضاً حتى يتمسّك باطلاقه في الأزمنة المتأخّرة ، وفي هذه الصورة لابدّ من
التمسّك باستصحاب حكم المخصّص للقطع بارتفاع حكم العام بالتخصيص ، فلو ورد
حينئذ دليل وقد دلّ على عموم ذلك الحكم العام واستمراره إلى الأبد كدليل
اللغوية والحكمة ، أو رواية دلّت عليه مثلاً ، فهو لا يكون منافياً للحكم
الخاص ، وذلك لأنّ الاستمرار حينئذ حكم طرأ على حكم العموم وأنّ حكمه إذا
ثبت يدوم ، فإذا ورد خاص ورفع حكم العام فلا يثبت في البين حكم حتّى يحكم
باستمراره وهذا نظير قوله (عليه السلام) « حلال محمّد (صلّى اللََّه عليه وآله) حلال إلى يوم القيامة »{1}
حيث دلّ على استمرار حلّية ما ثبتت حلّيته ، فإذا فرضنا دليلاً دلّ على
حرمة أمر مباح كحرمة الأكل والشرب في نهار شهر رمضان المحلّلين في غيره ،
فهل يكون ذلك مناقضاً لقوله (عليه السلام) « حلال محمّد » إلخ ، والوجه في عدم المناقضة ما عرفت من أنّ قوله (عليه السلام) « حلال محمّد (صلّى اللََّه عليه وآله)
» دليل على استمرار كلّ حلّية لو تحقّقت وثبتت فإذا ارتفعت الحلّية في
مورد فهو لا يتكفّل لاثبات موضوعه ولا يدلّ على أنّه حلال حتّى يناقض ما
دلّ على حرمته ، وإنّما يقتضي الاستمرار لو ثبتت الاباحة.
وبعبارة اُخرى: الاستمرار في هذا القسم وارد على الحكم وموضوعه هو الاباحة
أو الوجوب ونحوهما ، وأنّ الحكم أيّاً ما كان مستمرّ ، وهذا بخلاف القسم
الأول فإنّ الحكم فيه ورد على الاستمرار وأنّ هذا العالم يجب إكرامه في هذا
الزمان