فلا
يصدق عليه الغبن كما سيجيء ، وأمّا علم الغابن فهو لا يشترط في ثبوت
الخيار وذلك لأنّ الغبن وإن كان بمعنى الخديعة وهي لا تتحقّق عند جهل
الغابن بالحال ، إلّا أنّا لا نخصّص الخيار بهذه الصورة ، بل نلتزم به ولو
مع جهل الغابن بل مع كونه معتقداً مراعاة المشتري بتخفيض قيمة المبيع ،
وسيأتي الوجه في ذلك عن قريب إن شاء اللََّه تعالى. ومنها: أن يكون التفاوت بين القيمتين مما لا
يتسامح به عادة ، وأمّا التفاوت اليسير المتسامح به عرفاً كما لا يخلو سوق
من الأسواق التي رأيناها عن ذلك حيث إنّ المشاهد اختلاف قيم الأجناس فهو لا
يوجب الخيار ، هذا.
ثم إنّ ثبوت هذا الخيار عند الأصحاب بالقيود المتقدّمة مما لا إشكال فيه وعن العلّامة{1} نسبته إلى الاجماع كما حكي عن غيره. نعم حكي عن المحقق (قدّس سرّه){2} إنكار هذا الخيار في بحثه كما حكي عن الاسكافي{3} أيضاً ، وعليه فيقع الكلام في مدرك هذا الخيار مع أنه مما لم يرد عليه نصّ بخصوصه فنقول: قد استدلّ عليه العلّامة (قدّس سرّه) بقوله تعالى { «إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ» } الآية{4}
بتقريب أنّ المشتري إنما رضي بالمعاملة والمبادلة على تقدير عدم زيادة
القيمة عن القيمة السوقية ، فكأنه قيّد المعاملة بتساوي القيمتين ، إلّاأنّ
هذا القيد والشرط لمّا لم يكن من أركان المعاملة فلا جرم لم يوجب انتفاؤه
انتفاء المعاملة رأساً ، وإنما أوجب تخلّفه الخيار نظير تخلّف سائر الأوصاف
غير المقوّمة للمعاملة هذا.