الاختيار
في مقابل الاضطرار لا في الاختيار في مقابل الاكراه ، مثلاً يمكن أن يقال
إنّ المتبادر في مثل يقوم ويجلس أنّ الفاعل يقوم بنفسه واختياره ، وأمّا
إذا كان قيامه اضطرارياً كما إذا أقامه غيره فلا يصدق عليه يقوم لانصرافه
إلى القيام بنفسه لا القيام باقامة الغير إيّاه ، وأمّا إذا قام بنفسه
وإرادته ولكن لا من جهة رضاه بل بداعي الخوف من قتل الجائر إيّاه حيث أوعده
بالقتل على تقدير عدم القيام فلا وجه لدعوى انصراف قام عن مثله ، إذ
المفروض أنه صدر بإرادته غاية الأمر لا بداعي الرضا أو الرغبة إليه بل
بداعي الخوف والاكراه ، هذا. ويمكن أن يقال: إنّ الأفعال لا يتبادر منها شيء
من الاختيار في مقابل الاضطرار ولا الاختيار في مقابل الاكراه ، أمّا
الثاني فلما أشرنا إليه آنفاً في تقريب كلام شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)
وأمّا الاختيار في مقابل الاضطرار فلأنّه أجنبي عن الأفعال بموادّها
وهيئاتها ، أمّا بحسب المواد فلأنّ القيام مثلاً إسم للهيئة الخاصّة من دون
فرق بين حصولها بالاختيار وبين حصولها بالاضطرار ، وأمّا بحسب الهيئات
فلأنّ هيئة قام تدلّ على أنّ الفاعل تلبّس بمادّة القيام من غير اختصاص بما
إذا تلبّس بها باختياره. وبالجملة فلو كنّا نحن وهذه الرواية لقلنا بسقوط
الخيار بمجرد الافتراق سواء كان بارادته واختياره أو باضطراره إليه أو
اكراهه عليه هذا. ثمّ أورد عليه شيخنا الأنصاري ثانياً: بأنّ
التبادر لو تم للزم الالتزام بعدم سقوط الخيار فيما إذا كان متمكّناً من
الفسخ واُكره على التفرّق فقط ، مع أنّهم التزموا بسقوط الخيار حينئذ ولم
يقل أحد بعدم سقوطه بدعوى أنّ التفرّق صدر باكراه وهو لا يوجب سقوط الخيار.
وهذا الاشكال متين كما هو ظاهر. ومنها: التمسّك بحديث الرفع ، بدعوى أنّ مقتضى
الحديث أنّ الفعل الصادر عن إكراه كلا فعل وأنه لا يترتّب عليه أثر ، وبما
أنّ التفرّق صدر باكراه فهو كلا