فبنى
مثلاً على أنّ الخروج اليسير من المسجد ولو لا لحاجة غير قادح في الصحّة،
فخرج ورجع ثمّ تبدّل رأيه وانكشف خطأه فهل يكون هذا أيضاً ملحقاً بالعالم
في الحكم بالبطلان؟ الظاهر: نعم.
و الوجه فيه: ما ذكرناه في الأُصول عند التكلّم حول حديث الرفع{1}،
وملخّصه: إنّ الحديث بفقراته التسع يوجب التقييد في الأدلّة الأوليّة،
فالجزئيّة أو الشرطيّة أو المانعيّة مرفوعة لدى الجهل بها، وحيث إنّ هذه
الأحكام ممّا لا تنالها يد الجعل التشريعي استقلالاً كما حُقّق في محلّه،
وإنّما هي مجعولة بتبع جعل منشأ انتزاعها وهو تعلّق الأمر بالمركّب من هذا
الشيء، أو المقيّد به أو المقيّد بعدمه، فلا جرم كان رفعها برفع مناشئ
انتزاعها، فيقال لدى الشكّ في جزئيّة السورة مثلاً: إنّ شمول الأمر
المتعلّق بالمركّب لهذا الجزء مشكوك، فهو مرفوع، فطبعاً لا تكون جزء من
الصلاة، وحيث إنّ أصل الأمر بالصلاة معلوم لدينا بالوجدان فلا محالة يكون
الواجب هو الباقي من الأجزاء، فيحكم بصحّتها لأجل العلم المقرون بالأصل
المزبور.
و لكن هذا الرفع مخصوص بحال الجهل ومراعى ببقاء هذه الحالة، لأنّ الحكومة
حكومة ظاهريّة، وإلّا فالواقع باقٍ على حاله، ولا تغيّر ولا تبدّل فيه
بتاتاً، ومن هنا يحسن الاحتياط في ظرف الجهل، وإلّا فمع الانقلاب لا معنى
للاحتياط كما لا يخفى.
و عليه، فمع انكشاف الخلاف وارتفاع الجهل لا مناص من الإعادة، إذ الاجتزاء
بالناقص عن الكامل يحتاج إلى الدليل، ولا دليل إلّا في خصوص الصلاة فيما
عدا الأركان بمقتضى حديث: «لا تعاد»{2}، وحيث لم يرد مثل هذا