الزمنية ومقتضيات المصلحة في كلّ عصر ، وهذا رأي سديد [١].
وهذا الاتجاه في الاستفادة من تعدد آراء الفقهاء ، لاختيار ما هو الأنسب ، وللتوسعة على الأُمّة ، ليس جديداً ولا طارئاً ، بل هو اتّجاه أصيل وعريق في تاريخ التشريع الإسلامي.
قيل لعمر بن عبد العزيز : لو جمعت الناس على شيء؟ فقال : ما يسرني أنهم لم يختلفوا. قال : ثمّ كتب إلى الآفاق وإلى الأمصار : ليقضِ كلّ قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم [٢].
وعن عون بن عبد الله قال : قال لي عمر بن عبد العزيز : ما أحبّ أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يختلفوا ، فإنّهم لو اجتمعوا على شيء فتركه رجل ترك السنّة ، ولو اختلفوا فأخذ رجل بقول أحد أخذ بالسنّة [٣].
وروى ابن عبد البرّ النمري بسنده إلى يحيى بن سعيد قال : ما برح أولو الفتوى يفتون فيحل هذا ، ويحرم هذا ، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله ، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه [٤].
وقد ألف أحد علماء القرن الثامن الهجري كتاباً بعنوان رحمة الأمة باختلاف الأئمّة.
هو العلّامة الشيخ محمّد بن عبد الرحمن الدمشقي الشافعي ، وقد طبع أخيراً من قبل إدارة إحياء التراث الإسلامي في دولة قطر سنة ١٤٠١ هـ.
[١] المدخل للتشريع الإسلامي : ٣٧٠. [٢] سنن الدارمي ١ : ١٥١ ، باب «اختلاف الفقهاء». [٣] المصدر السابق .. [٤] جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ٢ : ٨٠.