اسم الکتاب : مزيل اللبس في مسألتي شق القمر و ردّ الشمس المؤلف : الخرسان، السيد محمد مهدي الجزء : 1 صفحة : 193
وردت ( يَسْأَلُونَكَ ) في خمسة عشر موضعاً .
فكيف يقرأ عليهم دائماً ما فيه الخبر بانشقاق القمر، ولا يسأله عن ذلك مؤمن ولا كافر ولا منافق، وقد ندّد القرآن بهم حين استنكروا ما جاء في القرآن عن عيسى بن مريم(عليه السلام)فقال تعالى: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)[1].
فلو لم يكن انشقاق القمر معلوماً ومعروفاً عندهم لعظم في إنكاره القيل والقال، وكثر الإعتراض السؤال، وصار في ذلك من المراء والجدال، ما لا يخفى على أدنى الرجال، ولم يذكر في ذلك شيء، بل كان السامعون يسمعون ولا ينكرون، فعُلِم أنّ انشقاق القمر كان معلوماً عند الناس عامة، فلم ينكروا وقوعه على نحو تصديقهم لما ورد في باقي آيات السورة من حكاية آيات النبوة للأنبياء السابقين وتكذيب أممهم فقال تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).
ثم أخبر تعالى أنّه أبقى السفن آية على قدرة الرب، وعلى ما جرى لنوح مع قومه ثم قال: ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) لمن كذّب، وكذلك ذكر قصة عاد وثمود ولوط وغيرهم، وهو تعالى يقول عقب كل قصة: ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ).
وهو تهديد وتوعيد لكل من كذّب الرسل، فتبيّن بذلك صدق ما أخبر به الرسل من الإنذار، وذكر قصة آل فرعون في السورة من الآية 41 حتى الآية 45 وما جرى لهم وحلّ بهم، فهل يعقل مع ذلك البيان الوافي الشافي عن حال الأنبياء السابقين في آياتهم مع أممهم، أن تكون آية انشقاق القمر غير حادثة، ثم يقرأها رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمته في الجمعة والأعياد، وهم لا يعترضون ولا يسألون عنها ؟ إنّه كلامٌ هراء والتصديق به غباء .