رسالة خاصة صنّفتها في ذلك وهي مطبوعة في آخر كتاب (دفع شبه التشبيه)، ص 289، وأسميتها (البيان الكافي)، والأحاديث الّتي في ذلك الكتاب ذكرها ابن القيم وزاد عليها، وقد تتبعت ما ذكره ابن القيم في (حادي الأرواح) (من ص 260 ـ 303) ونظرت في متون وأسانيد تلك الأحاديث الّتي أوردها وأكثرها ضعيف أو موضوع، ولم أجد ما يصح التمسك به إلا حديث جرير في الصحيحين وحديث أبي موسى وهو مشكل، وباقي الأحاديث مشكلة جدّاً، وبعضها شاذ مردود لا يصح الاستدلال به كحديث أبي سعيد وأبي هريرة الّذي في الصحيحين والّذي فيه (فيأتيهم في غير صورته الّتي يعرفون...) الحديث المعروف، وقد تكلّمنا عليه وبيّنا شذوذه في التعليق على (دفع شبه التشبيه)، ص 157، وفي هذا الكتاب وبقية ما ذكره من الأحاديث وهو أكثرها ضعيف منكر أو موضوع تالف)).
قال الشيخ السقّاف: ((ولذلك لم يصرّح الحافظ ابن حجر بتواتر الحديث مع أنّه صرّح بتواتر أحاديث أخرى لم تبلغ طرقها العدد الّذي بلغه عدد طرق أحاديث الرؤية، فالحديث غير متواتر قطعاً)).
ثمّ قال: ((وحديث جرير هذا[1] لو انضم له حديث آخر أو حديثان عن غير جرير يكون من قبيل الآحاد الّذي لا يفيد القطع في هذه المسألة، فنحن إذا رجّحنا ثبوت الرؤية يوم القيامة, أي: في الجنّة لم نقطع بها، فالمسألة ظنية ليست من أصول العقيدة وإنّما من الفروع، وفيها خلاف بين أهل السنّة أنفسهم كما تقدّم، وكذا بين جمهور أهل السنّة وبين من ينفيها كالمعتزلة والإباضية والزيدية وغيرهم، وقد أخطأ من ادّعى الإجماع فيها))[2]. انتهى كلام السقاف.
[1] وهو ما رواه البخاري (1: 139) ومسلم (2: 113) عنه، قال: ((كنّا جلوساً عند النبيّ(صلى الله عليه وآله) إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، قال: إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته)).