خالفوا أمير المؤمنين، وفارقوا جماعة المسلمين، ونصبوا لنا الحرب، فأظهرنا الله عليهم، وأمكننا منهم..))[1].
وهذه الرواية مرسلة، ويغلب على الظن أنّها مروية عن أبي مخنف، بقرينة أنّ الروايات السابقة عليها كلّها مروية عن أبي مخنف، وهو ضعيف جدّاً[2]، وعليه فلا يمكن الاعتماد عليها. وأمّا من حيث الدلالة، فالرواية لا تدل على أنّ هؤلاء المذكورين أتباع عبد الله بن سبأ، إذ لعل زياد بن أبيه يريد بالسبئية المنتسبين إلى سبأ من قبائل اليمن، فإنّ جلّ المذكورين وغيرهم ممّن عرفوا بتشيّعهم لأمير المؤمنين(عليه السلام) تنتهي أنسابهم إلى اليمن وبالخصوص إلى سبأ، وقد ذكر زياد أنّ رأسهم هو حجر بن عدي وهو من كندة، وكندة إحدى قبائل سبأ!!
والمتحصل: أنّ كلّّ هذه الروايات المتقدّمة هي ضعيفة سنداً ودلالة, وهي لم ترو من طريق الشيعة الإمامية، بل رويت من طرق غيرهم، فهي حجّة - على فرض التسليم بصحتها - على من يرى حجيّتها وليس على غيره، فهي لا تصلح للاحتجاج بها على الشيعة الإمامية، وهذا أمر واضح لمن يعرف أسس الاحتجاج على المذاهب!
قال ابن حزم الأندلسي في كتابه (الفصل في الأهواء والملل والنحل): ((لا معنى لاحتجاجنا عليهم (يريد المخالفين لهم) برواياتنا، فهم لا يصدّقونها، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها، وإنّما يجب أن يحتج الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الّذي تقام عليه الحجّة به، سواء صدّقه المحتج أو لم يصدّقه،