المحبّة أو النصرة كما يذهب إليه البعض, لعدم انحصارهما - أي: المحبة والنصرة - بالمذكورين في الآية فقط, بل هي تدل على أنَّ الأولى بالتصرّف والقائم باُموركم حصراً - لدلالة لفظة (إنّما) فيها - هم الله ورسوله وأمير المؤمنين.
ولعلك تسأل وتقول: كيف صح أن يكون المراد بالّذين آمنوا عليّاً(عليه السلام) واللفظ لفظ جماعة؟
قلنا: يجيبك عن هذا ذوي الاختصاص من أهل البلاغة, فقد قال الزمخشري في تفسيره (الكشاف) الّذي اعتمده لبيان أسرار بلاغة القرآن الكريم عن هذا المعنى بالذات: ((جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه))[1].
وهذه الآية المباركة تعدّ - في واقع الأمر- مشكاة الأحاديث النبوية المتضافرة الواردة في ولاية عليّ(عليه السلام), وإلى هذا المعنى أشار النحاس في كتابه (معاني القرآن) حين قال بعد ذكر الآية المتقدّمة: ((قال أبو عبيد: وهذا يبيّن لك قول النبيّ(صلى الله عليه وآله): (من كنت مولاه فعليّ مولاه), فالمولى والولي واحد, والدليل على هذا قوله جلّ وعزّ: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا...}, ثمّ قال في موضع آخر: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا...} فمعنى حديث النبيّ(صلى الله عليه وآله) في ولاية الدين وهي أجلّ الولايات))[2].