اسم الکتاب : المحسـن بن فاطمة الزهراء عليها السلام المؤلف : عبد المحسن عبد الزهراء الجزء : 1 صفحة : 284
فإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرّكم، حتّى تنظروا أمع هواه يكون على عقله؟ أو يكونه مع عقله على هواه؟ وكيف محبّته للرئاسات الباطلة وزهده فيها، فإنّ في الناس من خسر الدنيا والآخرة، يترك الدنيا للدنيا، ويرى أنّ لذّة الرئاسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنعم المباحة المحلّلة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة، حتّى إذا قيل له: اتّق اللّه أخذته العزّة بالإثم، فحسبه جهنّم ولبئس المهاد، فهو يخبط خبط عشواء.
يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمدّه ربّه ـ بعد طلبه ـ لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يُحلّ ما حرّم اللّه، ويحرّم ما أحلّ اللّه، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته الّتي قد يتّقي من أجلها، فأُولئك الذين غضب اللّه عليهم ولعنهم وأعدّ لهم عذاباً مهيناً.
ولكنّ الرجل كلّ الرجل، نعم الرجل، هو الّذي جعل هواه تبعاً لأمر اللّه، وقواه مبذولةً في رضى اللّه، يرى الذُلّ مع الحقّ، أقرب إلى عزّ الأبد، من العزّ في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرّائها، يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد، وإنّ كثير ما يلحقه من سرَّائها ـ إن اتّبع هواه ـ يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول.
فذلكم الرجل نِعمَ الرجل، فبه فتمسّكوا، وبسنّته فاقتدوا، وإلى ربّكم به فتوسّلوا، فإنّه لا تردَّ له دعوة، ولا تخيب له طلبة[1].