اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 517
بسبب كثرة عياله دون غيره أو بسبب فضله و علمه و قلة سعيه في
الأمور الدنيوية فناسب العقل التفضيل و لا يمكن إلا بالوصية. و لأنه كما جاز
التفضيل حال الحياة كذا يجوز بعد الممات. ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أوصى لأقاربه
يدفع إلى من يعرف بين الناس أنه قريبه. و قال أبو حنيفة يعطى ذوي الرحم المحرم
خاصة و لا يدخل فيه من ليس بمحرم كبني العم. و قال مالك هذه وصية للوارث من
الأقارب لا غير[1]. و قد خالف
العرف في ذلك من غير دليل. ذهبت الإمامية إلى أنه لا يصح الوصية للميت. و قال مالك
يصح و يكون للورثة[2]. و هو خلاف
العقل الدال على امتناع صحة ملكية الميت و أن تمليك واحد بعينه لا يكون تمليكا
لغيره. ذهبت الإمامية إلى أن ما تركه النبي ص ينتقل إلى ورثته. و خالف الفقهاء
الأربعة و قالوا ينتقل صدقة إلى غير ورثته[3].
[1] الهداية ج 4 ص 184 و الفقه على المذاهب ج 3 ص
336 و 340.
[2] بداية المجتهد ج 2 ص 280 و الفقه على المذاهب
ج 3 ص 321.
[3] قال الآلوسي في تفسيره ج 4 ص 194: التخصيص
بخبر الواحد لعمومات القرآن جائز على الصحيح، و الاحتجاج على عدم جواز التخصيص
بخبر عمر مجاب عنه بأن عمر إنما رد خبر ابنة قيس، لتردده في صدقها و كذبها.
أقول: تردد أبي بكر في حديثه يظهر
من وجوه:
الأول: اعترافه بأن الوارث لميراث
النبي( ص) أهله، في حديث أبي الطفيل.
الثاني: دفعه آلة رسول اللّه( ص)،
و دابته، و حذاءه إلى علي ميراثا.
الثالث: تردده في مصرفه بقوله:«
فلما وليت رأيت أن أرده على المسلمين». فهو يرى هنا: أنه موكول إلى رأي الخليفة
راجع: كنز العمال ج 3 ص 129 رقم 226، و شرح-.- النهج ج 4 ص 81) و لكن قوله: إنما
ميراثه لفقراء المسلمين، و المساكين، يدل على أنه يرى: أنه منحصر بهم من دون أن
يشركهم غيرهم( كنز العمال ج 3 ص 125 رقم 2224) و له رأي ثالث بينه بقوله: سمعت
رسول اللّه( ص) يقول:« إنما هي طعمة أطعمناها اللّه، فإذا مت كانت بين المسلمين»
من دون أن ينيط ذلك بنظر الخليفة راجع:( كتاب السقيفة لأبي بكر الجوهري، و شرح
النهج ج 4 ص 81) ثم هناك اعترافه في حديث أبي الطفيل:
بأن أهله يرثونه( ص)، فهذا التحير
منه في المصرف يدل على أن الكذاب نساء، و الاختلاق يوجب التحير .. أضف إلى ذلك
ادعاء أزواج النبي( ص) إلا عائشة ميراثهن، كما في( البداية لابن كثير ج 4 ص 203) و
هذا صريح بأنهن لم يسمعن من النبي( ص) بل بعد وفاته إلى عشرة أيام.
الرابع: كما قال ابن المعلم: إنه
بعد الاغماض عن سنده: إنما هو في قوله: ما تركناه صدقة نصب على الحال، فيقتضي ذلك:
أن ما تركه النبي( ص) على وجه الصدقة، لا يورث عنه، و نحن لا نمنع هذا( راجع تنوير
الحوالك ج 3 ص 155) و غيرها من أدلة ضعف خبر أبي بكر.
اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 517