ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لمّا يندمل، والرسول لمّا يقبر، إبتداراً زعمتم خوف الفتنة، (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ)[1] "[2].
كما بيّنت(عليها السلام) العواقب الوخيمة التي ستنجم عن هذه البيعة ـ عندما عادتها نساء المهاجرين والأنصار ـ فقالت:
" ألا هلمّ فاسمع، وما عشت أراك الدهر العجب، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث! إلى أي سناد استندوا، وبأي عروة تمسكوا؟ استبدلوا الذنابى والله بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً، ألا أنّهم المفسدون ولكن لايشعرون، (أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)[3] أما لعمر إلهك لقد لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دماً عبيطاً، وذعافاً ممقراً، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غبّ ماسنّ الأوّلون، ثم طيبوا عن أنفسكم نفساً، وطامنوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيف صارم، وهرج شامل، وإستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيداً وزرعكم حصيداً، فياحسرتى لكم، وأنى بكم وقد
[1] سورة التوبة: 49.
[2] أنظر: بلاغات النساء لابن طيفور: 13، شرح النهج لابن أبي الحديد: 16 / 251، أهل البيت لتوفيق أبوعلم: 157، الشافي للمرتضى: 4 / 68، الطرائف لابن طاووس: 1 / 379 (368)، فضلا عن مصادر أخرى.
[3] يونس: 35.