الله جلَّ جلاله وإليهم من التقصير فيما يجب لهم عليك ، وأن يعفو عمّا لم تعمله مما كنت تعلمه مع من يعزّ عليك ، فإنه من المستبعد أن تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النازل ، واجعل كلَّ ما يكون من الحركات والسكنات في الجزع عليه خدمة لله جلَّ جلاله ، ومتقرِّباً بذلك إليه ، واسأل من الله جلّ جلاله ومنهم ما يريدون أن يسئله منهم ، وما أنت محتاج إليه ، وإن لم تعرفه ولم تبلغ أملك إليه ، فإنهم أحق أن يعطوك على قدر إمكانهم ، ويعاملوك بما يقصر عنه سؤالك من إحسانهم .
ولعلَّ قائلا يقول : هلاّ كان الحزن الذي يعملونه من أول عشر المحرم قبل وقع القتل يعملونه بعد يوم عاشوراء لأجل تجدّد القتل .
فأقول : إن أول العشر كان الحزن خوفاً مما جرت الحال عليه ، فلما قُتل صلوات الله عليه وآله دخل تحت قول الله تعالى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}[1] فلمّا صاروا فرحين بسعادة الشهادة وجب المشاركة لهم في السرور بعد القتل لنظفر معهم بالسعادة .
فإن قيل : فعلام تجدّدون قراءة المقتل والحزن كل عام؟ فأقول : لأن قراءته هو عرض قصة القتل على عدل الله جلّ جلاله ليأخذ بثاره كما وعد من العدل ، وأما تجدّد الحزن كل عشر والشهداء صاروا مسرورين فلأنه مواساة لهم في أيام العشر ، حيث كانوا فيها ممتحنين ، ففي كل سنة ينبغي لأهل الوفاء أن يكونوا وقت الحزن محزونين ، ووقت السرور مسرورين[2] .
روي عن عبدالله بن الفضل قال : قلت للصادق(عليه السلام) : يا ابن رسول الله ، كيف