responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العلاقة مع الآخر في ضوء الوسطية في الإسلام المؤلف : الحسّون، فارس    الجزء : 1  صفحة : 39
تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ، وَإِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنَِ: إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ، فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِيهِ، أَوْ فِعْل كَرِيم تُسْدِيهِ، أَوْ مُبْتَلَىً بِالْمَنعِ، فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ! مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ ما لاَ مَؤُونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ، مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَة، أَوْ طَلَبِ إِنْصاف فِي مُعَامَلَة.

ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وبِطَانَةً، فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَتَطَاوُلٌ، وَقِلَّةُ إِنْصَاف [فِي مُعَامَلَة،] فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الاَْحْوَالِ، وَلاَ تُقْطِعَنَّ لاَِحَد مِنْ حَاشِيتِكَ وَحَامَّتِكَ قَطِيعةً، وَلاَ يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَة، تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ، فِي شِرْب أَوْ عَمَل مُشْتَرَك، يَحْمِلُونَ مَؤُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذلِكَ لَهُمْ دُونَكَ، وَعَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ.

وَأَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَكُنْ فِي ذلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً، وَاقِعاً ذلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ خَاصَّتِكَ حَيْثُ وَقَعَ، وَابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا يَثْقُلُ عَلَيْكَ مِنْهُ، فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذلِكَ مَحْمُودَةٌ.

وَإِنْ ظَنَّتِ الرَّعِيَّةُ بِكَ حَيْفاً، فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ، وَاعْدِلْ عَنكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ، فَإِنَّ فِي ذلِكَ [رِيَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ، وَرِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ، وَ] إِعْذَاراً تَبْلُغُ فِيه حَاجَتَكَ مِنْ تَقْوِيمِهِمْ عَلَى الْحَقِّ.

وَلاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّ كَ لله فِيهِ رِضىً، فإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ، وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ، وأَمْناً لِبِلاَدِكَ، وَلَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكِ بَعْدَ صُلْحِهِ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ، فَخُذْ بِالْحَزْمِ، وَاتَّهِمْ فِي ذلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ.

وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوّ لَكَ عُقْدَةً، أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً، فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ، وَارْعَ ذِمَّتَكَ بِالاَْمَانَةِ، وَاجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ عزوجلّ شَيْءٌ النَّاسُ أَشدُّ عَلَيْهِ اجْتَِماعاً، مَعَ تَفْرِيقِ أَهْوَائِهِمْ، وَتَشْتِيتِ آرَائِهِمْ، مِنَ تَعْظيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ، وَقَدْ لَزِمَ ذلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيَما بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ، فَلاَ تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ، وَلاَ تَخِيسَنَّ بَعَهْدِكَ، وَلاَ تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَجْتَرِىءُ عَلَى اللهِ إِلاَّ جَاهِلٌ شَقِيٌّ.

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَهْدَهُ وَذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ، وَحَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى

اسم الکتاب : العلاقة مع الآخر في ضوء الوسطية في الإسلام المؤلف : الحسّون، فارس    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست