responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العبّاس (عليه السلام) المؤلف : المقرّم، السيد عبد الرزاق    الجزء : 1  صفحة : 164
وارتحاله، وكان ينظر إلى جملة الأحوال بين البصيرة التي تخرق الحجب وتبصر ما وراءها من أسرار وخبايا، لا بناظر البصر الذي تحجبه الحواجز، وتمنعه السدول، فيرد عن الإدراك خاسئاً، فلا يكون أمر تهالك دونه إلاّ بعلم ثابت، ويقين راسخ، وإيمان لا يشوبه شك، فإنّه:


سِرّ أبيهِ وهَوُ سرّ البَاريِمَلِيكُ عَرش عَالِمُ الأسَرارِ
وارِثُ مَن حَازَ مَواريِثَ الرُسلِأبَوُ العُقُولِ والنَفُوسِ والمُثُلِ
وكَيفَ لا وَذاتُهُ القُدّسيةِمَجمُوعةُ الفَضائِلِ النفسيّةِ

لقد كان أبو الفضل يعرف العراقيين ونزعات أهل الكوفة، منذ عهد أبيه وأخيه السبط المجتبى، بالتجارب الصحيحة، وإنّهم تجمعهم الأماني، وتفرّقهم الرضائخ، ويشاهد الأمويين وقوّة سلطانهم، وتوغّلهم في إراقة الدماء، وبطشهم في الناس، وطيشهم في الأُمور، ويرى ضعف جانب (أبي الضيم (عليه السلام))، وقلّة أنصاره، وطبع الحال يحدو مثله إلى التحيّز إلى فئة أُخرى، والأقل من التقاعد عن أيّ الفريقين، وما كان مثله لو سالم الأمويين يعدم ولاية أو قيادة لجيوشهم، أو عيشة راضية يقضي بها أيامه.

لكنّ " عباس اليقين " لم يكن له طمع في شيء من حطام الدنيا، فلم يرقه إلاّ الالتحاق بأخيه سيّد الشهداء، موطناً نفسه الكريمة لأي كارثة أو شدّة مؤلمة.

هذا والتكهّن بمصير أمر الحسين (عليه السلام) في مسيره نصب عينه، والمغّيبات المأثورة عن رسول اللّه وأمير المؤمنين والمسموعات من أخويه الإمامين مِلْءُ أُذنه، فلم يبرح مع " أخيه الشهيد " يفترع ربوة ويسف إلى واد، لا يرى في هاتيك الثنايا والعقبات إلاّ تصديقاً

اسم الکتاب : العبّاس (عليه السلام) المؤلف : المقرّم، السيد عبد الرزاق    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست