اسم الکتاب : ظلامة أبي طالب عليه السلام «تاريخ و دراسة» المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 149
وإنما الشعر ـ خصوصاً حين يكون في
بدايات انطلاقته لدى أي كان ـ هو التعبير الفطري الصافي ، والساذج ، والبريء عن
مشاعر وأحاسيس تراود هذا الإنسان في الحالات المختلفة. وهو الاستجابة العفوية
والطبيعية لها.
ولأجل ذلك نجده يبتعد عن أي تكلف ، أو
تعسف ، أو انحراف ، أو نفاق ، أو عدوانية.
وهذا
ما يفسر لنا ظاهرة : أن الإنسان إذا
تكاملت إدراكاته ، ونمى إحساسه ، وتفاعلت مشاعره بصورة طبيعية وسليمة ، فإنه ينطق
بالشعر بصورة تلقائية وعفوية. وإن كان ربما يحتاج إلى بعض التهذيب والتدريب ، تماماً
كما يحتاج الطفل إلى ذلك حينما يريد أن يمارس المشي أو الكلام.
ويصبح بعد هذا ، من الوضوح بمكان سرُّ
ما نراه من التأثير السريع والقوي للشعر على العقول والنفوس ، ولن نفاجأ بما نراه
عبر التاريخ من آثار عميقة له على الفكر والمشاعر ، حتى لقد أصبح بسبب ذلك ـ
بالنسبة إلى الإنسان العربي ـ هو الوسيلة الإعلامية الفضلى ، خصوصاً مع ما له من
وقع موسيقي آسر ، ونغم أخاذ.
ومن يستطيع أن ينكر تأثير الشعر على
مجمل حالات هذا الإنسان ، وعلى حركته ، وسلوكه ، وعلى قراراته ومواقفه؟ وهو يرى
كيف أنه عبر التاريخ قد استطاع أن يجعل من الجبان الخانع شجاعاً مقداماً ، ومن
المحزون المهموم مسروراً مستبشراً ، ومن المتردد المتشائم متفائلاً وحازماً!!
اسم الکتاب : ظلامة أبي طالب عليه السلام «تاريخ و دراسة» المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 149