واعتمد في نقل هذا النص على مصدر سنىّ، ولكن المقارن لهذا النص الوارد في ذلك المصدر مع نفس النص الوارد في الكتب الشيعيّة يجد أنّ هناك حذفاً تعرّض إليه هذا النص حتّى ينسجم مع مبادئ من نقله، فلقد نقل الشيخ المفيد في الارشاد قول ابن عبّاس: (معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه، فاستجاب له الناس وقالوا: ما أحبّه إلينا وأوجب حقّه علينا. وتبادروا إلى البيعة له بالخلافة)[2].
فالفقرة التي تقول: (ووصي إمامكم)، تخالف تماماً ما استشهد به الكاتب، وجعله شاهداً على فكره السياسي بأنّ الشورى هي الدستور السائد عند المسلمين، وكان يجب على الكاتب ـ لو كان موضوعيّاً ـ أن يبحث النصوص الواردة عن الطرفين ـ على أقلّ التقادير ـ وتقييمها سنداً ومتناً والحكم عليها، لا أن يكتفي بنقل نص من طرف واحد، ويستخرج لنا نظريّته السياسيّة.
أضف إلى ذلك، أنّ مسألة النص كانت تعيش مع الامام الحسن (عليه السلام) في كلّ جلساته ومحاججاته مع معاوية، فعندما يحاول معاوية أن ينال من الامام علي (عليه السلام) يتصدّى الحسن (عليه السلام) لابراز دور الامام وموقعه في الشريعة، ولقد جمعت إحدى الجلسات معاوية والحسن (عليه السلام)، فنال معاوية من الامام علي (عليه السلام)، فقام الحسن (عليه السلام) خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: "إنّه لم يبعث نبي إلاّ وجعل له وصي من أهل بيته، وإنّ عليّاً كان وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بعده"[3].
فهل يحتاج المنصف بعد هذا الكلام إلى إيضاح موقف الحسن (عليه السلام) من مسألة الوصيّة والخلافة.
إلى هنا لم يستطع الكاتب أن يشوّش ذهن القارئ حول موقف الامام الحسن (عليه السلام) ودفاعه عن منصب أبيه ومنصبه في خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكنّه ولخبثه راح